السبت، 27 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

43 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

Untitled dd

محمد جمال حليم - صحافي مصري:      

الحب إحساس فطري يتجدد به الكون وتتناغم أركانه، فالعواطف والمشاعر لها سحرها الكامن في تحريك الجبال نحو الأهداف..

وكثيرا ما هانت الصعاب وتنازلت الأطراف المتنازعة عن حقوقها باسم «الحب» و«العاطفة»، حقيقة لا أجد مبررا لسيل التهم التي تلاحق كل من هم بالكتابة أو التلويح بالكلام عن العواطف، فإذا تكلمت عن الحب بمترادفاته ومعانيه، تُتهم للوهلة الأولى بالتسيب والتفلُّت، ولهذا يقلع الكثيرون عن الدخول في غمار إقناع الغير بفضيلة هذه المعاني ودورها في إذكاء الوجود.

في وقت طغت فيه الحياة بماديتها، ونثرت على ربوع الأرض صلادتها، لم يعد الكلام عن هذه العاطفة من فضول القول، ولا مخرج من هذا إلا بتفعيل طاقات الكون الكامنة في المخلوقات على اختلاف أشكالها وأنواعها؛ فالإنسان وهو وحدة بناء الكون ومستودع أسراره قادر على أن يتجاوز ما يلم به من مدلهمات عصره لو فعّل طاقته والتي منها، وبلا شك، مشاعره.

فالحب كعاطفة يضفي على الوجود إحساسا فطريا ولونا بهيجا، وبدونه تضيق النفوس وتتأفف؛ إذ كيف تتعامل مع من لا تحب؟! كيف تقبل إساءته وتعفو عن خطئه؟! لكن الحب يزيل الفوارق ويقرب المسافات ويساعد على فهم الغير، ومن ثم قبوله، فبالحب إذن نرقى وبه نتراحم ومن خلاله نسود.

الكلام عن الحب كصفة بشرية أودعها الله في الإنسان، لا يعني بالضرورة الكلام عن علاقة بين رجل وامرأة، فهو أعم من ذلك وأشمل، فهو علاقة بين طرفين، وهذان الطرفان يشملان الوجود كله، فلكي يعمر الإنسان الكون لابد أن يحب العيش ويحب الحياة ليقبل عليها، ولكي يطور من عمله وأدائه ويتمايز عن غيره لابد أن يحب عمله أولا قبل كل شيء. ولكي تعيش الأُسر في سلام ووئام لابد من هذه الصفة الجميلة التي بها يتجاوز كل طرف عن خطايا وعيوب الآخر، وبالأعم لا يصل الإنسان إلى ما يريد إلا إذا تحلى بالحب وتفاعل مع الأدوات التي يريدها كي يصل مراده.

مجتمعات متحابة

إن ما ينطبق على الأفراد ينطبق على المجتمعات المتعاونة والناجحة، فما انطلقت الأمم والمجتمعات الناجحة إلا من قاعدة الحب والتعاون لتحقق ما تريد.

فالأساس الذي يعول عليه في قيام الدول والمجتمعات ليس ماديا خالصا، لكنه مغلف بالعاطفة ومنطلق منها.. وكم من المجتمعات علت بحب أبنائها لها مع قلة الموارد وندرة الأدوات، فالمسؤول والمدير الناجح، كما يذكر خبراء التنمية البشرية، هو من يقنع من تحته بالعمل ويعالج نفسيته ويجعله يحب عمله ليتفانى في أدائه بروح عالية ونفس مقبلة.. وقديما قيل: «أحب ما تعمل حتى تعمل ما تحب»..

وبالنظر لبعض المجتمعات، فهناك أموال تنفق بسخاء لمكافحة جرائم الأفراد ضد الأوطان، وقد كان الأوفق أن توجه في تحبيب الأفراد في الأوطان ودراسة أدوات تفعيل ذلك عمليا؛ فلو أحبوا أوطانهم لكانوا سببا في إعلاء شأنها ورفعة منزلتها، وأقل ما يمكن كسبه جراء هذا (التحبيب) ألا يقف الأفراد موقف العداء من أوطانهم، فالحياة بماديتها بعيدا عن هذه السمة البشرية والعاطفة الفطرية، حياة صلدة صعبة لا يحتمل فيها الإنسان نفسه فضلا عن غيره أيا كانت طبيعة هذا الآخر وعلاقته به.

رؤية شرعية

وبالنظر إلى تعاليم الإسلام نجدها تتماشى مع هذا الاتجاه؛ فلقد دعا الإسلام لتنمية العواطف، ومراعاة الشعور، وحسن الظن بالآخرين، والتلطف مع الآخر، وحسن مجادلة المخالف في الرأي، والتأليف بين القلوب.

من هنا نفهم ارتباط الرسول صلى الله عليه وسلم بوطنه حين قال عن مكة: «ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» (سنن الترمذي)، بل إن تشريع الجهاد ضد من يعادي الوطن ويجير عليه، يعكس من وجه هذه العلاقة القوية التي أراد الله تأكيدها بين الأفراد والأوطان.

وإذا كان الإسلام قد راعى حسم مادة النزاع بين المتخاصمين، وإنهاء الخلاف بين المتنازعين اعتمادا على قاعدة التعامل بالحسنى وإبقاء المودة فقال: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت:34). وكذلك حث على حسن معاملة المخالفين في الدين وأمر ببرهم والتعامل معهم بالقسط والعدل، فقال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8).

وهذه هي العاطفة التي اعتمد الإسلام ترسيخها في علاقة أفراد الأسرة الواحدة؛ حيث جاءت نصوصه صريحة في بيان طبيعة علاقة الأبناء والآباء، وأنها مبنية على الحب والبر، فقال: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (النساء:36).

وكذا علاقة الزوج مع زوجته لتعم بينهما الطمأنينة والسكن فقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم:21)، والعكس، فإن ما تعانيه بعض الأسر المسلمة من تبلد مشاعر أحد الزوجين تجاه الآخر ليؤجج نار الفتنة ويؤصل للفرقة الروحية والنفسية (الطلاق العاطفي) قبل فراق الأجساد (الطلاق الشرعي).. حتى ترسو سفينة بعض الأسر في واد غير ذي زرع مخلفة وراءها ضيعة وعيالا لا ذنب لهم!!

والحقيقة؛ أن ما يبخل به الزوجان، أحدهما أو كلاهما، على الآخر ليحرق قلبه هو قبل صاحبه جراء مشاعره المكبوتة، التي توجهه، في الغالب، إلى حيث تريد هي، لا إلى حيث يريد هو، وهو ما يفسر ارتفاع أعداد الطلاق، ومن ثم تنحصر علاقتهما معا في الجانب الأدائي المادي!!

الرسول نموذجا

وبالتأمل في علاقة النبي صلى الله عليه وسلم: بزوجاته تدرك طبيعة هذه العلاقة القائمة على الحب؛ فلقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم مع زوجاته مثلا لتجسيد هذه الصفة في حياتهم، انظر إليه صلى الله عليه وسلم وهو يعبر عن هذه العلاقة السامية بين رجل وزوجته والألفاظ المستخدمة، فيما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول: «أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة». قالت: فأغضبته يوما، فقلت: خديجة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني قد رزقت حبها». نعم الرسول صلى الله عليه وسلم: استخدم هذه اللفظة فقال: «رزقت حبها».

لم تتحاش النصوص الشريفة استخدام هذه اللفظة (الحب)، لكنها اعتمدتها ركيزة بين طرفين في علاقة هي من أسمى العلاقات؛ علاقة الإنسان بربه، واعتبرتها سبب كل خير وفتح ونصر، بل سبب القبول والتوفيق في الدنيا؛ فقال تعالى في الحديث القدسي: «إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» (رواه البخاري).

فالحب إذن هو الأساس.. فبالحب تنمو الأسر، وتعلو الأوطان، وتتكامل الدول، وتتقدم المجتمعات، ويتناغم الوجود، وبدونه تنهار المبادئ، وتعدم الأسس، ويفسد الكون.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال