الإثنين، 29 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

246 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

skhaj

من مقر حكم الدولة الكثيرية إلى مركز شرطة ثم مقر لهيئة الآثار وأخيرًا متحف سيئون

اليمن - مياسة النخلاني :

 كثيرة هي المحن التي تمر على اليمن ككل، وعلى تفاصيلها الضاربة في القدم كما قصر سيئون، لكن ورغم ضراوة هذه المحن، إلا أنها تمضي ويبقى اليمن، وتبقى تفاصيله تُعاند من أجل البقاء ، واستقبال إشراقة شمس كل صباح تعكس شموخ هذا القصر العتيد بوادي حضرموت في جنوب اليمن، على بعد 165 كم تقريبًا من ساحل البحر العربي باتجاه الداخل، ويبدأ الوادي من رملة السبعتين غربًا إلى أن يلتحق بوادي المسيلة شرقًا حيث تصب مياهه في البحر العربي، ورغم أن وادي حضرموت حافل بالعديد من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية التي تعد نموذجًا للعمارة الطينية، إلا أن قصر السلطان الكثيري بمدينة سيئون أو كما يطلق عليه الأن اسم " قصر سيئون" هو الأكثر شموخًا.

ووفقًا لعديد من المؤرخين اكتسب القصر شهرته منذ استخدامه كمقر لحكام الدولة الكثيرية الأولى في حضرموت منذ تأسيسها عام 814 ه / 1411م, وعندما تولى السلطان بدر بن عبدالله الكثيري المشهور بأبي طويرق عرش الدولة الكثيرية عام 927ه / 1521م اتخذه مقرًا رئيسًا لإقامته، وقام بتجديد عمارته وبنا به مسجدًا في الجهة الشمالية. 
وفي العام 1274ه / 1857م قام السلطان غالب بن محسن الكثيري (1223 - 1287هـ) مؤسس الدولة الكثيرية الثانية بتجديد عمارة القصر ثم أكملها ابنه المنصور بن غالب الكثيري (1287 - 1347هـ) ثم قام علي بن منصور الكثيري (1347 - 1357هـ) بطلاء القصر من الخارج بالنورة (الجص) وإتمام العمارة بالشكل الذي يبدو عليه اليوم وكان الانتهاء من ذلك في العام 1355هـ/ 1936م.

وبنجاح الثورة التي اندلعت في جنوب اليمن من طرد الاستعمار البريطاني وإسقاط الدولة الكثيرية عام 1386هـ/ 1967م أطلق على القصر اسم قصر الثورة واستخدم مركزًا للشرطة ومقرًا للمؤسسات الأمنية.. وفي عام 1393هـ/ 1984م صار مقرًا للهيئة العامة للآثار والمتاحف، ومن ثم مقرًا لمتحف سيئون.

عمارة الطين

الفريد في الأمر أن القصر بُني من الطين، حيث ازدهرت في وادي حضرموت العمارة الطينية إلى اليوم، وذلك لانسجامها مع جو الوادي الذي يتميز بالحرارة والجفاف، ويذكر المؤرخون ـ في هذا الصدد ـ أنه استغرق خمسة عشر عامًا لإتمام بنائه نظرًا للخصوصية التي يتطلبها بناء القصر من الطين - حيث كانوا كلما بنوا طابقًا أو جزءًا منه تركوه لفترة طويلة يتعرض للرياح والشمس كي تجف منه الرطوبة، ويتمكن الطين من إفراز أملاحه قبل أن يتم طلاؤه بالقضاض والنورة، وهذا أيضًا يحتاج فترة طويلة يتعرض خلالها للشمس.

ويتربع القصر على تل في قلب السوق العام متوسطًا مدينة سيئون بارتفاع 25 مترًا فوق التل، و45 مترًا عن مستوى سطح الأرض، ويتكون من خمسة أدوار (طوابق) وغرفتان علّويتان وسطوح, وتبلغ مساحة الطابق السفلي 60 × 60 ذراع.

ويحتوي القصر على (3 بوابات, 20 سطح, 183 باب, 214 نافذة, مسجد ومصليين, 4 سلالم, 23 حمام, 14 مستودع, 55 غرفة صغيرة, 41 غرفة كبيرة(.

متحف ومزار سياحي

أما القصر اليوم فقد أصبح متحفًا للآثار، يرتاده يوميًا عديد من الزوار من داخل اليمن وخارجه, ويحتوي على عدد من الآثار والنقوش التي تعود إلى عهد الممالك اليمنية القديمة, ويحتوي أيضًا على آثار تعود إلى العصر الإسلامي كما منابر المساجد الخشبية والتي يعود تاريخ أقدمها إلى عام 673هـ/ 1274م, ويضم أيضًا أثار لعهد الدولة الكثيرية كعلم الدولة ووثائقها الرسمية كالجوازات والرخص المختلفة، وكذا أنواع من العملات التي يعود بعضها إلى الدول الإسلامية التي قامت في اليمن والبعض الآخر عملات استخدمت في عهد الدولة الكثيرية كريال الإمبراطورية النمساوية الذي يحمل صورة ماريا تريزا والذي سك في عام 1195هـ/1780م وعملة شيخ الكاف التي سكت عام 1315هـ/ 1897م وعملة حسين بن سهل التي سكت عام 1258هـ/ 1842م وعملة صالح بن عبدات التي سكت في عام 1344ه /1925م وغيرها من العملات الأخرى.

كما يضم المتحف أنواعًا من الأسلحة التي كانت تستخدم في عهد الدولة الكثيرية ابتداء من بندقية أبو فتيلة أول سلاح ناري يدخل إلى حضرموت مع الجنود العثمانيين الذين استعان بهم السلطان بدر أبو طويرق عام 926هـ/ 1520م وكان ذلك قبل توليه عرش الدولة الكثيرية, كما يشمل المتحف قسمًا خاصًا للموروث الشعبي الذي تزخر به حضرموت، بينما تزين جدرانه الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عدسات الرّحالة الأوربيين كالهولندي فان دير مولين والانجليزية فريا ستارك.

تعاقب السنون وتبدل الأداور

   ويكشف الأستاذ عبدالرحمن بن حسن بن عبيدالله السقاف- مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت في تصريح خاص لـ"الوعي الشبابي" الستار عن حالة القصر الحالية فيقول: كان القصر في عهد السلطنة الكثيرية يشهد تحسينات وإعادة للطلاء في كل المناسبات الوطنية والأعياد الدينية و المناسبات الرسمية والخاصة بالأسرة السلطانية كالأعراس وهي مناسبات تتكرر في السنة الواحدة عدة مرات، كما هو التقليد الشعبي متبع لدي المواطنين في تزيين بيوتهم في المناسبات.

وأضاف: في الثاني من أكتوبر سنة 1967 غادرة الأسرة السلطانية قصر سيئون وصار مقرًا لبعض مكاتب السلطة الجمهورية الجديدة واستخدم القصر استخدامات بعضها مناسبة وبعضها غير مناسبة لطبيعة المبنى كمقر للشرطة والمحكمة واحتلت الإذاعة المحلية أحد الدوار العليا من القصر، وكانت الشرطة تنفذ أعمال التحقيق والتوقيف المؤقت داخل جدرانه، وبتعدد الجهات المسؤولة توقفت أعمال الصيانة لخمسة عشر سنة، فتهدمت بعض السقوف ولحق بالمبنى أضرار كبيرة.

يأبى الاندثار والانكسار

وتابع عبدالرحمن مسترسلا: في العام 1982م صدر القرار الحكومي بتحويل قصور السلطنات في كل البلاد إلى مقرات للأنشطة الثقافية والسياحية، فتسلمت المبنى وزارة السياحة ونفذت أعمال ترميم استهدفت تأهيله إلى مقر لمكاتب حكومية ذات صفة ثقافية وسياحية، لكن للأسف لم تراعي عمليات الترميم هذه المبادئ العلمية الدقيقة لترميم المباني الأثرية والتاريخية، فتم إزالة بعض الملحقات بالمبنى وبناء صالة كبير هي اليوم صالة عرض الآثار بالمتحف.

وبعد انتهاء أعمال الترميم تهيأ القصر ليستوعب المكاتب الثقافية ومتحف سيئون والمكتبة العامة للمدينة، وفي العام 1990 تم تنفيذ أعمال صيانة محدودة استهدفت معالجة بعض الأضرار وتجديد الطلاء الخارجي، ثم في العام 2000 أجريت عمليات صيانة وأعمال ترميم إنقاذية بعد أن وصلت الحالة المعمارية إلى حد حرج يهدد المبنى بأضرار كبيرة، وفي العام 2002 تم العمل على توفير صالة عرض للمكتشفات الأثرية فتم توسيع صالة عرض الآثار من خلال مشروع صغير من تمويل السفارة الهولندية بصنعاء. ثم أعقب ذلك تنفيذ مشروع رصف ساحات القصر بتمويل من صندوق الأشغال العامة بالمحافظة، إذ أن المبنى مع تقادمه وثقل كتلته بحاجة إلى صيانة سنوية وعندما تتأخر معالجة الأضرار فإنها تستفحل وتكون معالجتها أكثر تكلفة.

وهكذا، ورغم خفوق بريق القصر أحيانًا نتيجة التسيب وسوء التوظيف في حقب سابقة، يظل صامدا في وجه المحن، مختزلا في ممراته وجدرانه تاريخ عريق يأبى الإندثار أو الانكسار.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال