انقطاع التنفس ليلا أحد أسبابه.. والشخير خطر على العلاقات الأسرية

يمكن علاجه ذاتيا أو بواسطة جهاز يدفع الهواء المضغوط لمجرى التنفس

جدة – تهاني العصيمي:

على الرغم من أن غالبية رجال العالم يتخوفون من اليوم الذي يصابون فيه بضعف يخل بأدائهم الزوجي، الأمر الذي يلقي بدوره بظلال قاتمة على النساء، الطرف الثاني في هذه المعادلة المصيرية التي لا تستمر الحياة ولا تتواصل الأجيال بدونها، فأصبح هاجس الضعف رعبًا يحيل حياة الرجل إلى جحيم مستعر، وغَمَّا يؤرق حياة المرأة ويكدِّر عليها صفو حياتها.. إلا أن الطرفان يجهلان أن للعجز أسبابا خفية، بعضها يتجسد في أعراض بسيطة لا يهتم بعلاجها كثيرون.. وهذا ما نتعرف إليه في التقرير التالي.

معظم الرجال المصابين بالشخير وانقطاع التنفس يضطرون إلى زيارة الطبيب نزولا عند رغبة الزوجة التي تصر على علاج هذه المشكلة أثناء النوم، لما تسببه لها من أرق ورداءة في النوم، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابتها بالإحباط نظرا للمعاناة النفسية التي تظهر آثارها السلبية على المدى الطويل. فقد أكدت بعض الدراسات أن الزوجات اللواتي يعانين من شخير أزواجهن تكون نسبة إصابتهن بالأرق المزمن والصداع والنعاس أثناء النهار أكثر بكثير من غيرهن من الزوجات اللواتي يرتبطن بأزواج غير مصابين بالشخير. واللافت أن هذه الأعراض لم تتحسن بمحاولة الزوجة النوم في غرفة أخرى بعيدا عن صوت الشخير المزعج، مما يدل على تأثر المشاعر الحميمة واحتمال زيادة الفراغ العاطفي بسبب هذا الاضطراب.

شخير الزوج

إلى ذلك، يؤكد د. أيمن بدر كريّم استشاري ومدير مركز اضطرابات النّوم بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بجدة أن انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم يعتبر سببا من الأسباب الخفية للضعف الجنسي لدى الرجال، وفقد الرغبة تدريجيا في ممارسة الحياة الطبيعية، مما يتسبب في الكثير من المشاكل بين الزوجين. ويؤدي صوت شخير الزوج العالي والمستمر وملاحظته أثناء نوبة انقطاع النفس خلال الليل في كثير من الأحيان إلى أرق الزوجة، ورداءة نومها ومعاناتها من الحرمان المزمن من النوم السليم، مما يترتب عليه كثير من المشاكل العائلية.

ويذكر د. أيمن أن أحد الوسائل التي تتبعها النساء للتأقلم مع الوضع هو محاولة الذهاب للنوم قبل الزوج، أو وضع سدادات للأذن للتخلص من صوت الشخير، أو أخذ غفوات أثناء النهار للتعويض من رداءة نوم الليل. وفي المقابل أظهرت دراسة أن علاج الرجال الذين يعانون من اضطرابات التنفس أثناء النوم بواسطة أجهزة الضغط الإيجابي "سي باب" يقلل كثيرا عدد مرات التنبه التي تصيب زوجاتهم من 21 مرة إلى 12 مرة في الساعة، وتزيد من نسبة كفاءة النوم عندهن من 74إلى87%، وتطيل من فترة نومهن الهاديء بمعدل 62 دقيقة.

متلازمة انقطاع التنفس

ويشير إلى أن كثيرا من الناس يعانون مما يعرف طبيا بمرض متلازمة انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، وهي من أكثر اضطرابات النوم شيوعا، إلا أنها وعلى العكس من كثير من الأمراض المزمنة لا يتم التعرف إليها إلا بعد زمن طويل يصل في كثير من الأحيان إلى ثمانية سنوات. وتتخذ الأعراض شكل نوبات متكررة من انسداد مجرى التنفس العلوي تحدث فقط أثناء النوم، مما يؤدي إلى توقف كامل لسريان الهواءوانخفاض نسبة تشبع الدم بالأوكسجين. ويمكن أنيظهر في صورة أعراض لا تدل على المرض بالضرورة تشمل زيادة الشعور بالنعاس أو الإرهاق خلال النهار، وتعكر المزاج، والاكتئاب.

ومن أجل الوصول إلى تشخيص دقيق يقول د. أيمن كريّم: يحتاج المريض إلى عمل دراسة معملية للنوم لرصد اضطرابات التنفس، ليتم تسجيل رسم الدماغ ورصد الشخير وملاحظة حركة التنفس، ومتابعة تدفق الهواء وانقطاعه المتكرر بواسطة مجسات توضع قريبا من الأنف، كذلك تسجيل نسبة الأوكسجين في الدم عن طريق النبض طوال ساعات النوم.

ويؤكد أن انقطاع التنفس أثناء النوم مرض يمكن علاجه وتجنب مضاعفاته الصحية والاجتماعية بشكل كبير، لاسيما بالعمل على إنقاص الوزن الزائد، والامتناع عن التدخين، وانتظام مواعيد النوم والاستيقاظ. إلا أنه في أغلب الحالات يتم اللجوء إلى المعالجة بواسطة جهاز الـ"سي باب" الذي يدفع الهواء المضغوط بدرجات متفاوتة خلال مجرى التنفس بواسطة كمامة توضع على الأنف أو الأنف والفم معا، مما يعمل على إبقاء مجرى الهواء مفتوحاً، وتأمين استقرار وظيفة التنفس أثناء النوم، ومن ثم الشعور بالراحة عند الاستيقاظ وخلال ساعات النهار.

وللنساء أيضا

ولا يقتصر خطر انقطاع التنفس على الرجال وحدهم، بل تؤكد الدلائل الأولية انتشار متلازمة انقطاع التنفس أثناء النوم في المملكة العربية السعودية بنسبة لا يستهان بها حيث أن الشخير وهو المظهر الرئيس من مظاهرانقطاع النفس أثناء النوم، أصبح أخيرا عرضا شائعا بين الرجال والنساء، لاشتراك كثير منهم في العوامل المؤدية للمرض مثل البدانة وإصابة أحد الوالدين أو الأشقاء بالمشكلة نفسها، ووجود بعض التغيرات الخلقية كهبوط سقف الحلق، تضخم اللهاة، صغر حجم الفك السفلي، وكذلك سوء العادات السلوكية المصاحبة للنوم كالسهر والتدخين الذي ينتشر بنسبة كبيرة بين النساء، وتعتبر جميعها من أهم عوامل الإصابة باضطرابات التنفس أثناء النوم المؤدية بدورها للإصابة بالضعف الجنسي.

كما يلاحظ ارتفاع نسبة الشخير وانقطاع النفس أثناء النوم عند الحوامل بنسبة 40% منهن مقارنة بغيرهم من النساء في نفس العمر، وذلك بسبب احتقان الأنف واحتباس السوائل وزيادة الوزن والتغيرات الهرمونية. كما تصل نسبة المشكلة نفسها لدى النساء بعد سن انقطاع الطمث إلى 42%، خاصة لدى اللواتي لا يتناولن أدوية الهرمونات البديلة، وذلك تبعا لنقص هرمون البروجستيرون، وزيادة الوزن التي تظهر بشكل واضح عند نحو 30% في هذا السن.

ويلفت استشاري اضطرابات النّوم إلى أن تشخيص اضطرابات التنفس أثناء النوم عند النساء عادة ما يكون في مرحلة متأخرة، وذلك لما يسببه الشخير من إحراج للواتي يعانين منه، حتى أن كثيرا منهن يرفض الاعتراف به لاسيما وأنه لا يسبب إزعاجا للرجال كما يسببه للنساء، فضلا عن نقص الوعي لدى أفراد المجتمع والعاملين في مجال الرعاية الصحية وأيضا نتيجة لنقصالعدد الكافي من الأطباء المتخصصين في تشخيص وعلاج اضطرابات النوم.

خطر البدانة

كما يؤكد أن البدانة تعتبر من أهم عوامل الإصابة باضطرابات التنفس أثناء النوم، حيث يصاب ما يقرب من 60% من الرجال أصحاب الوزن المفرط بانقطاع التنفس أثناء النوم بدرجات متفاوتة. موضحا أن الوزن الزائد عادة ما يؤدي إلى تراكم الشحوم حول الرقبة مما يؤدي إلى ضيقمجرى الهواء العلوي وترهل أنسجة وعضلات البلعوم، ومن ثم إعاقة التنفس أثناء النوم، ويتمثل بوضوح فيأعراض الشخير المرتفع ونوبات الاختناق أثناء النوم، والشعور بالصداع والخمول المفرط عند الاستيقاظ في الصباح.

بينما تزيد نسبة الإصابة بخمول الغدة الدرقية وقلة إفرازها لهرمون الثايروكسين عند النساء أكثر من الرجال، مما يؤدي عادة إلى زيادة الوزن وكسل عضلات البلعوم، وهذا من ضمن الأسباب التي يجب التنبه إليها وعلاجها قبل التحكم في أعراض اضطرابات التنفس أثناء النوم عند النساء. وبالنسبة لقياس محيط الرقبة، فإن مقاس 17 إنشا بالنسبة للرجال و16 بالنسبة للنساء يعتبر حدا علميا فاصلا يزيد بعده الخطر.

مضاعفات صحية

أخيرا، يوضح د. أيمن كريّم أن كثيرا من الدراسات أكدت أن نسبة الإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم تصل إلى 5% في المجتمعات المدنية، وبينت ارتباطه المباشر بالإصابة بارتفاعضغط الدم وصعوبة التحكم به. فضلا عن ارتباطه بجلطات الدماغ، وتأثيره على هرمون الأنسولين، مما يزيد من احتمال خطر الإصابة بمرض السكري المؤدي بدور إلى الضعف الجنسي.

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"