القاهرة – الوعي الشبابي:

من أكثر ما يعاني منه الشباب في هذه الأيام تكاليف الزواج وترتيباته ومدى المغالاة في نفقاته من الألف إلى الياء، فضلا عن المظاهر وما تتطلبه من أموال قد يظل الشاب سنوات عديدة حتى يتمكن من توفيرها.. في السطور التالية تجربة حقيقية لشاب قرر أن يختصر الطريق ويتزوج في أسبوع واحد.. فإليه.

** يوم السبت بعد العصر كنت أجلس مع خطيبتي نتكلم عن الزواج ولماذا التعقيدات ولماذا ينبغي الانتظار لسنوات حتى نتمكن من إحضار شقة وشبكة و... و... وهناك قفز السؤال إلى لساني: ما الذي نحتاجه فعليًا كي نتزوج؟!

غرفة نوم لنا، وغرفة جلوس للضيوف، ثلاجة، غسالة، بوتجاز، أواني للطبخ، ومستلزمات الأكل.. الخ، يومها قررنا أن يكون زواجنا الخميس المقبل.

بعد العشاء جلست مع أصدقائي وسألتهم عن شقة لأتزوج بها، ردود الافعال كانت متباينة وساخرة، أحدهم طالبني بأن أعيد له المائة جنيه التي اقترضتها منه .. وآخر صاح بي: لا تجد ما تأكله وتريد أن تتزوج؟! وشي من هذا القبيل، أحد الأصدقاء كان يجلس بعيدًا عنا تقدم ناحيتي وسألني: "هل أنت جاد بكلامك؟ إذا كنت كذلك فعندي شقة لك ايجارها 350 جنيه". ذهبت وألقيت نظرة على الشقة، وعلى الفور أخبرته بأني سأستأجرها حتى إن لم يتم الزواج، التقطت صور للشقة بكاميرة جوالي وذهبت لوالد خطيبتي، تحدثت معه وأخبرته أننا قررنا أن نبدأ حياتنا مع بعض من الصفر، وسيكون زواجنا بسيطًا بدون أي تكلف.

كان والد خطيبتي متدين، الأمر الذي ساعدني على إقناعه بسرعة، خاصة بعد أن ذكرته بحديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، و"أقلهن مهرًا أكثرهن بركة"، وبحمد لله وافق على إتمام الزواج واتفق معي على أن يبدأ بتوفير أثاث المطبخ.

بعدها ذهبتُ إلى والدي وأخبرته بقراري، في البداية لم يقتنع بوجهة نظري، لكن حين أخبرته أنه لن يكون مضطرًا إلا لدفع 10 آلاف جنيه فقط وافق..

أما فيما يخص شبكة العروس فلم يكن هناك شبكة، كتبنا في القائمة أن شبكة العروس مقدارها عشرة آلاف جنيه ولم نحضرها. أما المهر فلم ندفع مهر سوى "ربع جنيه" الذي يقول عنه المأذون، كما لم نكتب في العقد مؤخر لأن المأذون يأخذ أتعابًا على المؤخر عن كل ألفٍ مائة جنيه.. لذلك كتبت المؤخر ضمن القائمة.

أما الأثاث فقمت بشرائه من ورش دمياط وليس من المعارض، لأن سعر الأثاث في الروش يكون أرخص بكثير من سعر المعارض، وهكذا اشتريت غرفة نوم بـ 6500 جنيه، وغرفة جلوس بـ2000 جنيه، وسفرة للطعام بـ900 جنيه.. ولم نشتري نيش ولا غرفة أطفال، ولا صالون. أما أهل العروس فاشتروا ثلاجة، غسالة، بوتجاز، تلفزيون، ورسيفر وأثاث المطبخ، فكان إجمال ما أشتريته أنا وهي لا يتعدى 20 ألف جنيه.

يوم الاحد ألقينا نظرة أخيرة على الشقة، وتفقدنا الأثاث والخشب، نظفنا الشقة واشترينا سخان بـ400 جنيه. الأربعاء نقلنا الأثاث للشقة، الخميس اشتريت ملابس بسيطة لي.. يوم الجمعة نقلت أسرة العروس عفشهم إلى الشقة، يوم الأحد عقدنا القران، ومن الأحد إلى يوم الخميس كانت الشقة مكتملة، فكان الزواج الخميس.. أما الكوفيرة وفستان الزفاف والتصوير فكانت هدية من أحد الأصدقاء.

يوم الحناء جمعت "نقوط" سددت بها ما علي من أقساط الأثاث، أما الفرح فعقدناه في المسجد، لم نصنع طعامًا واكتفينا بتوزيع العصائر.

من السبت كنت أخطط للزواج يوم الخميس، وبالفعل تزوجت الخميس التالي، أحسست بأن موضوع زواجي تحول إلى مشروع قومي كل الناس يساهمون فيه، وتطوع أصدقائي لمساعدتي بقدر ما تجود به امكاناتهم، منهم من اشترى لي حذاء الزفاف، وآخر اشترى سخانًا، وثالث تطوع بتركيبه، وآخرون تطوعوا بنقل الأثاث، والجميع تكاتفوا على صنع سعادتي.. وقتها أدركت تماماً معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف".

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"