الخميس، 16 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

64 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

5221542

د. بليغحمدياسماعيل :

المناسك هي ما يقوم به الحاج والمعتمر من عبادات وطاعات بالقول والفعل أثناء أدائه فريضة الحج أو العمرة، والرسول  "صلى الله عليه وسلم"  هو الذي تكفل ببيان هذه المناسك لأنها لم تذكر في القرآن بتفصيل، فقال  "صلى الله عليه وسلم" : «خذوا عني مناسككم»، والكثير من العبادات بينها الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  لأن كتاب الله اكتفى بذكرها مجملة، فكانت السنة الشريفة متممة لما جاء في كتاب الله من أحكام وشرائع وقوانين، والإيمان لا يكتمل إلا بالاعتقاد بالكتاب والسنة، والمسلم يرد كل أمر إلى هذين المصدرين: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء: 58). والمناسك كما أداها الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  هي:

الإحرام

وهي النية بالدخول في أحد النسكين، الحج أو العمرة، وله زمن محدد في الحج، حيث يبدأ من أول شهر شوال إلى طلوع الفجر من يوم النحر، أما العمرة فتكون في جميع أوقات السنة، وميقات الحجاج حدده رسول الله  "صلى الله عليه وسلم" ، فسكان المدينة المنورة ومن مر بها من غير أهلها يحرمون من رابغ وهو من أعمال الجحفة، وقرن ميقات لأهل نجد، وذات عرق ميقات لأهل العراق، ويلملم ميقات لأهل اليمن، ومن كان بمكة المشرفة سواء كان من أهلها أو مقيمًا بها فإن إحرامه بالحج يكون من الحل وهو التنعيم، والإحرام قبل المكان الميقاتي مكروه ويلزمه الهدي، فلذلك ينبغي التزام الحاج والمعتمر بالإحرام من الميقات المحدد له، وحينما دخل رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  في الإحرام اغتسل وصلى ركعتين، فأصبح الاغتسال وصلاة ركعتين سنة اقتداء بما فعله  "صلى الله عليه وسلم" ، ثم النطق بعبارة «لبيك اللهم عمرة»، ثم أخذ رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  بعد الدخول في نسك الإحرام يردد لفظ التلبية وهو «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، وقد ثبت عنه  "صلى الله عليه وسلم"  أنه ردد التلبية حتى وصل إلى مكة المكرمة فطاف ثم عاود التلبية حتى وصل إلى مصلى عرفة، ثم لبى حتى رمى جمرة العقبة.

الطواف

قال الله تعالى: {وليطوفوا بالبيت العتيق} (الحج: 17)، والطواف منه ما هو ركن لا يجبر بالدم، وهو طواف الإفاضة، ومنه ما ليس بركن وهو طواف القدوم، وطواف الوداع مستحب ولا شيء على من تركه، وفي طواف القدوم يستحب- كما فعل الرسول  "صلى الله عليه وسلم" - الاغتسال، وهو اغتسال لأجل الطواف، والحائض والنفساء لا تغتسل لأنها لا تطوف، والطواف سبعة أشواط لا يفرق بينها الحاج والمعتمر، فيجعل البيت عن يساره، وإذا وصل إلى الركن اليماني، وهو الركن الذي قبل الحجر الأسود، لمسه بيده ووضعها على فيه من غير تقبيل وكبر، فإن لم يقدر كبر ومضى، وأما الركنان الشاميان، وهما اللذان يليان الحجر الأسود، فلا يقبلهما ولا يستلمهما، فإذا دار بالبيت حتى وصل الحجر الأسود فذاك شوط، ويستحب للرجل أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، والرمل فوق المشي ودون الجري، وقد بين الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  كيفية الطواف في عمرة القضاء، وكانت سنة سبع للهجرة، وتسمى عمرة القصاص أيضا، لأن الرسول اقتص من قريش الذين منعوه من دخول مكة سنة ست للهجرة، وفي هذه العمرة أنزل الله تعالى قوله: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحًا قريبًا} (الفتح: 27)، وقد ثبت عن الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  أنه حينما دخل المسجد اضطبع بردائه(14)، وأخرج عضده اليمنى ثم استلم الركن، وخرج وهرول، وأصحابه معه يهرولون، حتى إذا واراه البيت استلم الركن اليماني ثم مشى فاستلم الركن الأسود، وهرول ثلاثة أطواف، ومشى سائرها، فكان ابن عباس يقول: كان الناس يظنون أنها ليست عليهم، وذلك أن رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم، حتى إذا حج حجة الوداع لزمها فمضت السنة بها.

وبعد أن انتهى  "صلى الله عليه وسلم"  من الطواف مشى إلى مقام إبراهيم  "صلى الله عليه وسلم" ، وقرأ قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} (البقرة: 125)، ثم صلى فيه ركعتين، عن جابر بن عبدالله قال: «إن رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  استلم الحجر ورمل ثلاثة أشواط ومشى أربعة حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}».

ويستفاد من هذا أن الصلاة تكون بعد الطواف، ولهذا فإن من ترك ركعتي طواف القدوم والإفاضة لغير نسيان وبعد عن مكة فإنه يلزمه الهدي، أما طواف الإفاضة وهو ركن في فريضة الحج فيكون بعد رمي جمرة العقبة حيث يقصد الحاج مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة إن لم يكن قد سعى من قبل، وهو سبعة أشواط مثل طواف القدوم.

المرأة الحائض والنفساء لا تطوف

إن المرأة الحائض والنفساء تقضي كل ما يقضيه الحاج من مناسك الحج والعمرة إلا الطواف فإنها لا تطوف حتى تغتسل، لكون الطواف مثل الصلاة إلا أنه يجوز فيه الكلام، وفي حجة الوداع خرجت عائشة- رضي الله عنها- مع رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  لأداء فريضة الحج، فقالت: «وحضت ذلك اليوم (16)، فدخل علي وأنا أبكي، فقال: مالك يا عائشة؟ لعلك نفست، قالت: قلت: نعم، والله لوددت أني لم أخرج معكم عامي هذا في هذا السفر، فقال: لا تقولين ذلك، فإنك تقضين كل ما يقضي الحاج إلا أنك لا تطوفين بالبيت (17)».

فأدت عائشة- رضي الله عنها- المناسك كلها باستثناء الطواف، وحينما اغتسلت أحرمت من مكان الإحرام، قالت رضي الله عنها: «حتى إذا كانت ليلة الحصبة، بعث بي رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  مع أخي عبدالرحمن بن أبي بكر، فأعمرني من التنعيم، مكان عمرتي التي فاتتني(18)».

الوقوف بعرفة

الوقوف بعرفة ركن أساسي في الحج، لا يجبر بالدم، فمن لم يدركه فقد فاته الحج، فقال رسول الله  "صلى الله عليه وسلم" : «الحج عرفة، من أدرك الوقوف قبل طلوع الفجر فقد أدرك»(19)، وقال الله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} (البقرة: 198)، والإفاضة هي السير عند الدفع من عرفات، وكانت قريش في الجاهلية تقف عند المشعر الحرام، فلما حج النبي  "صلى الله عليه وسلم"  توجه يوم التروية- وهو اليوم الثامن من ذي الحجة- إلى منى، فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، فلما طلعت الشمس أمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، ثم سار، ولا تشك قريش أنه واقف في المشعر الحرام على عادتها، فجازه  "صلى الله عليه وسلم"  حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت فنزل بها.

أما وقت الإفاضة فقد بينه رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  عمليا، إذ ثبت انه وقف حتى غربت الشمس قليلًا، وذهبت الصفرة، وغاب القرص.

في بيان المواقف في المناسك

كما بين  "صلى الله عليه وسلم"  مكان الوقوف بعرفة وبالمناسك الأخرى وهي المزدلفة ومنى.

قال ابن إسحق: وحدثني عبدالله بن أبي نجيح «أن رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  حين وقف بعرفة قال: هذا الموقف، للجبل الذي وقف عليه، وكل عرفة موقف، وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة، هذا الموقف، وكل المزدلفة موقف، ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال: هذا المنحر، وكل منى منحر»(20).

وفي حديث آخر قال  "صلى الله عليه وسلم" : «عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عرنة- بضم العين وتسكين الراء- ومزدلفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن محسر- بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة- ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها منحر».

هذا بيان وتوضيح للمواقف التي ينبغي أن يقف فيها الحاج أثناء أداء مناسكه، وثبت أنه  "صلى الله عليه وسلم"  أخذه وقت المغرب بعرفة فأخره إلى المزدلفة حيث المشعر، فقال له أسامة: الصلاة، فقال  "صلى الله عليه وسلم" : «الصلاة أمامك».

وقال الله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} (البقرة: 39). 

قال المفسرون: إنها إشارة إلى أن الصلاة تؤخر إلى المشعر الحرام، وقد ثبت أن النبي  "صلى الله عليه وسلم"  وقف بعرفة حتى غابت الشمس، ثم دفع فأتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، ودعا وكبر وهلل، ولم يزل واقفًا حتى أسفر جدا، ثم دفع قبل أن تطلع الشمس.

الهدي

الهدي هو ما يذبحه الحاج من إبل أو بقر أو غنم تقربًا إلى الله، قال الله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} (البقرة: 199)، والآية لم تبين نوع الهدي، وقد ثبت عن النبي  "صلى الله عليه وسلم"  أنه «أهدى عن نفسه وعن أصحابه البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة»(23)، وقال مالك  "رضي الله عنه"  في قوله تعالى: {فما استيسر من الهدي} هو شاة أو بدنة، لأن الهدي يطلق على ذلك، وقالت عائشة رضي الله عنها: إنما هو البدنة، لأن الهدي لا يطلق إلا على غيرها، وقال ابن عباس: هو الاشتراك في دم، لأنه  "صلى الله عليه وسلم"  نحر عام الحديبية البدنة عن سبعة.

ويجوز الاشتراك في الهدي، فقد ثبت عنه  "صلى الله عليه وسلم"  أنه أشرك علي بن أبي طالب معه في الهدي حينما أهل بالحج بعد عودته من اليمن ولم يكن معه هدي، فثبت على إحرامه مع رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  حتى فرغا من الحج، ونحر رسول الله  "صلى الله عليه وسلم"  الهدي عنهما(25)، والمتمتع بالعمرة إلى وقت الحج يذبح لأجل المتعة هديًا يوم النحر، قال تعالى: {فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة} (البقرة: 195)، وإذا لم يكن في مقدوره شراء الهدي فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى بلده كما بينت الآية ذلك بوضوح.

والفدية هي ما يقدمه الحاج من هدي أو إطعام مساكين أو صيام كفارة لما قام به من محظورات الحج، وذلك إذا أزال شعره وهو محرم قال تعالى: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} (البقرة: 195)، أو تعرض للحيوان البري الذي يحرم صيده قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صيامًا ليذوق وبال أمره} (المائدة: 97)، أو قام بأحد المحظورات وهو محرم مثل لبس المخيط والتطيب وقتل القمل والاغتسال وقطع الأظافر ودهن اللحية والرأس.

طواف الوداع

وهو مستحب ولا يجب شيء على من تركه، وكأن الحاج يجعله آخر عهده بالبيت الحرام ولاسيما للأفاقي الذي قد لا يتيسر له زيارة هذا المكان المقدس في المستقبل، ولذلك ينبغي له الإكثار من الطواف والدعاء في فترة وجوده في البيت العتيق.

زيارة قبر الرسول  "صلى الله عليه وسلم"

هذه الزيارة ليست من أركان الحج ولا من واجباته لكنها مستحبة وآكدة، وذلك أن المسلم الذي يؤدي عبادة الحج الخاصة لله ويتمها بكل أركانها وواجباتها يجب عليه، اعترافًا بالجميل، أن يزور قبر الرسول  "صلى الله عليه وسلم" ، وقبور أصحابه الذين أبلوا البلاء الحسن في نصرة الإسلام، فبفضلهم يتمتع المسلمون الآن بنعمة الإسلام ونوره، وزيارة قبر الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  وأصحابه، رضوان الله عليهم، ينبغي أن تتسم بآداب وأخلاق الزيارة وهي الاعتراف لهم بالجميل والفضل على ما بذلوه من تضحيات في سبيل إعلاء كلمة الله والثبات على الحق حتى لقوا الله راضين مرضيين، وأن يدعوا لهم بالدعاء الصالح.

وزيارة المدينة المنورة والوقوف على مآثرها التاريخية تشعر المسلم بمرحلة حاسمة في تاريخ الدعوة الإسلامية حيث حقق المسلمون انتصارًا باهرًا على المشركين ومن تحالف معهم، وأسسوا الدولة الإسلامية التي قامت على العدل والمساواة.

نسأل الله أن يمتع كل مسلم بأداء هذه الفريضة، وبزيارة قبر الرسول  "صلى الله عليه وسلم"  الذي جاءنا بهذا النور الذي ننعم به.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال