السبت، 18 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

197 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

EA 1112694 425368

محمود سعيد عيسى - باحث دراسات إسلامية - سورية:                            :

القيم هي الفضائل الدينية والخلقية والاجتماعية التي تشكل إطارا مرجعيا يحكم سلوك الأفراد، وتشكل جوهر الهوية الثقافية للمجتمعات التي تسود فيها؛ فتميزها، بل تمايز بعضها عن بعض.

وتترجم القيم إلى سلوك بشري يكتسب صفة الالتزام والاستمرارية والثبات «نسبيا» من خلال آليات المراقبة المجتمعية: كالأسرة والمدرسة والقانون أو الالتزام الشخصي الإرادي.

وتختلف القيم - بالمعنى العام - من شخص إلى آخر من ناحية نسبتها أو كميتها أو درجتها؛ فكل شخص لديه قيم غالبة، نبيلة أو دونية، تحدد نمط حياته وتصرفاته واختياراته في الحياة. وغاية القيم ومبعثها المنفعة أو المصلحة؛ فبعض القيم، كالتضحية بالمال أو الروح مما قد يعد «خسارة» للمضحي، هي في الواقع حاجة إنسانية لتحقيق الذات والتميز من خلال الشعور بالتسامي أو التقدير.

ولا ينكر منصف أخطار القيم في حياة الأفراد والأمم؛ فشيوع قيم معينة في أي مجتمع مؤشر على ازدهاره وحضارته، بل ومستقبله ومآلاته. ويأتي لفظ الأخلاق مرادفا للفظ القيم، وقد عبر أحمد شوقي عن القيم النبيلة (الأخلاق) في بيت:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت   فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا

الإسلام والقيم

ومازال تقويم القيم وتصحيح الأخلاق مدار رسالة الأنبياء والعلماء والمفكرين والمصلحين والفلاسفة والمربين، وهذا المعنى الخلقي التربوي حاضر بقوة في الرسالة الإسلامية، فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق» (أخرجه أحمد في المسند: 8729) وغيره، بل الخلق الكريم دلالة على الدين القويم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا» (أحمد: 7095، الترمذي: 1082). وكثرة الطاعات لا تغني عن أخلاق مذمومات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها، وصيامها، وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: «هي في النار» (أحمد في المسند: 9463).

«والتربية الإسلامية لجأت إلى الأسس التربوية النافعة في التقويم والتحويل والتنمية والتهذيب والتشذيب، كما لجأت إلى وسائل متعددة لاكتساب الأخلاق، كالتدريب العملي، والرياضة النفسية، والغمس في البيئات الصالحة، والقدوة الحسنة وغير ذلك» (1).

وكان من ثمارها أن خرجت خير أمة، وصيغت أزهى حضارة امتد سلطانها في الزمان والمكان قائمة على الأخلاق/ القيم يصونها حارسان: أحدهما التقوى (شخصي)، والآخر الشريعة والقوانين الإسلامية (اجتماعي). ومدار القيم والأحكام حفظ الكليات الخمس: الدين والنفس والعقل والنسب والمال، وهي المقاصد الكبرى للدين الإسلامي.

التعليم والقيم

وفي ظل عصر العولمة، حيث الانفتاح الهائل على الثقافات الأخرى بغثها وسمينها، وتزايد قنوات الاتصال ووسائله بشكل لا يمكن حصره، فضلا عن ضبطه، واختراق سهام بعض الأفكار المشوهة، وعقائدها المموهة للمجتمعات التي كانت تعتبر سابقا من المجتمعات المحصنة؛ تبرز هنا أهمية الحفاظ على القيم من خلال مؤسسات الرقابة المجتمعية كالمدرسة والأسرة والإعلام.. إلخ.

«فتنمية الأخلاق/القيم مسؤولية فردية، فعلى الفرد إصلاح نفسه من خلال الاستعداد والإرادة، كما أن على المجتمع مسؤولية عظمى وهذا يشمل الأسرة والمدرسة والجامعة والعمل والمسجد» (2).

ونتيجة تغير بنية الأسرة وتزايد الأعباء وتغير الأدوار، تظهر المدرسة كمؤسسة رزينة إلى جانب الأسرة لا تقل عنها خطرا وأثرا في بناء القيم وتعزيزها وتهذيبها وتشذيبها من خلال تشكيل شخصية الطفل القاعدية.

وتنبهت المجتمعات المتقدمة في العصر الحديث لأهمية تحصين الفرد والمجتمع من الأفكار والقيم والسلوكيات التي توهنه وتضعفه، لذا تقوم بتدريس وتعليم القيم (الأخلاق) على شكل مادة دراسية ضمن مناهجها التربوية؛ لخلق الأنموذج الإنساني الذي يحقق مصالح تلك المجتمعات.

ويظهر الدور الحاسم للمعلم في تنمية القيم الإيجابية، حيث يشكل القدوة والمثال المجسد للعلم والخلق القويم أمام المتعلمين، وبخاصة الصغار، الذين يفتحون عقولهم الغضة لتقبل المعلومات والمفاهيم والقيم والاتجاهات.

لكن السؤال الأهم هنا: كيف ينمي المعلم القيم والسلوكيات الإيجابية؟ وما هي القيم التي تحتاج إلى تعزيز أو تشذيب؟ وما هي حدود دوره؟ وكيف نمكن المعلم من القيام بدوره بالصورة المثلى؟

لاشك أن للقضية أبعادا متعددة، منها ما يتعلق بفلسفة التعليم ووظيفته في المجتمع، ومنها ما يتعلق بالمجتمع ومصالحه، ومنها ما يتعلق بالمعلم ودوره. ولتفعيل القيم بالصورة المثلى ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار القضايا الآتية:

أولا- إعادة الاعتبار إلى المدرسة كمؤسسة تعليمية تربوية، وبخاصة في ظل دعوات فصل التربية عن التعليم، وإعادة الاعتبار إلى المعلم، مثلا وقدوة، أمام هجمة الإعلام «الساخر» الشرسة على صورته ودوره، ولا يغيب عنا أن المعلم في عصور الازدهار كان يسمى المؤدب الذي تقع على عاتقه تربية الخلفاء والأمراء والقادة والأئمة الكبار.

ثانيا - الانتقال من تدريس القيم بإطارها النظري المعلوماتي بأسلوب الوعظ والإرشاد والتوجيه إلى غرسها وتمثلها في نفوس الطلبة سلوكا وممارسة من خلال الاقتناع والاقتداء بالمثل الصالح.

فالاقتداء والتقليد والمحاكاة فطرة بشرية، بل نحن مأمورون بالاقتداء والاهتداء بالنماذج البشرية السامية كالأنبياء والصالحين قال الله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} (الأنعام:90)، وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (الأحزاب:21).

ثالثا- تنويع طرائق وإستراتيجيات التدريس كالتعلم التعاوني (المجموعات)، والتعلم بالأقران، والنقاش، ولعب الأدوار، وأسلوب القصص، والتي تنمي لدى الطالب قيم التعاون ومساعدة الآخرين وتقدير الذات والآخرين، والصبر على العلم، وتقدير الوقت، وأدب الحوار.

رابعا - بناء المعلم الواعي لرسالته ودوره وأثره من النواحي المعرفية والسلوكية والأخلاقية بحيث يغدو مثالا يحتذى ونموذجا يقتدى.

فالتزام المعلم بالقوانين واحترام آراء الآخرين واستماع المعلم إلى آراء الطلاب، هي سلوكيات تقتدى من قبل الطلاب، فلسان الحال أبلغ من لسان المقال.

خامسا - ضرورة تكاتف مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية مع المعلم في خلق وبناء الجيل، وتأصيل القيم الإيجابية، كوزارة التعليم والمؤسسات الإعلامية.

«يعتبر التعاون والتكافل في التربية من أهم ضرورات التربية لاكتساب الأخلاق الحميدة، وهذا التعاون يؤدي إلى اختصار الوقت والجهد، وهذا يعني أن أسلوب التربية يجب أن يكون موحدا بين البيت والمدرسة والمجتمع فعندئذ تكتسب الأخلاق وتكون حميدة وكريمة» (3).

سادسا- إيلاء الاهتمام بتفعيل القيم الإيجابية في المنهج الخفي، والذي يلعب دورا مهما ورئيسيا في العملية التربوية والتعليمية قد يفوق بكثير أثر المنهج الرسمي الذي يركز على المحتوى المعرفي.

والمنهج الخفي (أو الصامت أو الضمني) هو المنهج الذي يكون قيم الطلاب من دون تخطيط مسبق، ويظهر من خلال تعامل المعلمين مع الطلاب وتعامل المعلمين بعضهم مع بعض، وتعامل الإدارة مع المعلمين والطلاب، ومن خلال الأنظمة والأنشطة، وطريقة جلوس الطلاب والمرافق الأخرى كالمسجد وصالات الرياضة.. إلخ.

وختاما؛إن بناء الجيل قيميا وأخلاقيا مهمة صعبة وشائكة ومعركة طويلة الأجل، يجب أن تتضافر فيها الجهود والجنود من مربين وإعلاميين ومسؤولين... وغيرهم؛ لبث قيم التسامح والإخاء والتعاون والمسؤولية والعمل والعقل والبناء لتحقيق السعادة لمجتمعاتنا والبشرية جمعاء.

الهوامش

1- الأخلاق الإسلامية، ص15، د. محمد خير فاطمة، دار الخير، سوريا، ط10، 2005م.

2- جواهر الأخلاق والآداب الإسلامية، د. عادل بن عبدالله العوضي ود. فايزة بنت عبدالله العوضي، مركز الكتاب للنشر، مصر، ط1، 2006م، ص22.

3- جواهر الأخلاق والآداب الإسلامية، د. عادل بن عبدالله العوضي ود. فايزة بنت عبدالله العوضي، مركز الكتاب للنشر، مصر، ط1، 2006م، 64.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال