الجمعة، 03 مايو 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

638 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

c8666e2bae

إيمان القدوسي:

الحب احتياج بشري فطري يولد به الإنسان، يؤكد ذلك تجربة شهيرة قام بها علماء النفس لبيان تأثير العاطفة في النمو، أجريت التجربة على مجموعتين من حديثي الولادة اللقطاء، كانت الممرضات تعطي المجموعة الأولى احتياجاتها من الغذاء والرعاية فقط، أما المجموعة الثانية فأضيف إليها الحب والهدهدة والمداعبة والابتسام وكل صور الأمومة الحانية، وكانت النتيجة شديدة القسوة، فبينما نمت مجموعة الحب نموا رائعا، فإن المجموعة الأخرى ذبلت وماتت، ماتت بسبب الحرمان العاطفي.

  للحب مصادر متعددة أولها حب الله ورسوله، ذلك الحب الذي يُشعِر المرء أنه يأوي لركن شديد، وأنه إذا ضاقت به السبل يمكنه أن يرفع يديه للسماء داعيا «يا رب»، وإذا كانت الحضارة المادية قد استطاعت أن توفر الكثير من سبل التقدم والرفاهية للإنسان فإنها عجزت عن سد ثغرة الخواء الروحي وجعلت الإنسان يحيا في ظلها كأنه «بينوكيو» أو «رجل الصفيح وخيال المآتة» الذي يشبه البشر تماما إلا أنه بلا قلب.

المصدر الثاني حب الوالدين وبرهما، ويتضح أثره في الدنيا قبل الآخرة، ثم حب الأبناء الذين هم امتداد المرء ووسيلته للتخلص من الإحساس بقصر الحياة التي سرعان ما يختتمها الموت.. إن دافع العمل من أجل الأجيال القادمة وتوريثهم خلاصة جهدنا من أهم أسباب الشعور باستمرارية الحياة والتفاؤل بالمستقبل.

يأتي بعد ذلك حب العائلة الممتدة عندما تجلس وسطهم تشعر أنك تنتمي لتلك الفصيلة بالفعل، فلقد صار عمك شديد الشبه بوالدك- رحمه الله، أما ابن عمتك فهو نسخة منك في شبابك، تستمتع بنوادر وحكايات العائلة، وتسمع للمرة الألف قصة خالك عندما ضرب «الحرامي» وانبهرت العائلة بشجاعته ثم اكتشفوا أنه صديق اتفق معه على هذه التمثيلية ليتخلص من شهرته بأنه يخاف من خياله، تضحك من قلبك وأنت تستعيد التفاصيل من خالتك الصغرى التي تخلت عن لقب «جميلة العائلة» بعد أن فعل الزمن أفاعيله.

حب الوطن والانتماء له مصدر مهم للحب والفخر وتحديد الهوية، في القائمة أيضا الجيران والأصدقاء والهوايات، وأخيرا يأتي حب الزوج أو شريك الحياة، ذلك الحب الخاص جدا والذي يستوطن بؤرة القلب بسهمه المعروف، إنه حبيبك ونديم خيالك ونصفك الآخر وبه تكتمل منظومة الحب البشري التي ترتبط تماما بمعاني السعادة والنجاح والقدرة على العطاء.

تم التركيز على المصدر الأخير فقط واستغلاله تجاريا على نطاق واسع، فإذا أطلق لفظ الحب كان المقصود منه فقط حب الرجل والمرأة، كل الأغاني والأفلام والروايات تدور حوله، وتم تدويره والمبالغة فيه بكل السبل الممكنة وأحيانا غير الممكنة أيضا، ومن هنا جاءت أزمة الحب، فصار هناك من ينفر من كلمة الحب نفسها لما ترتبط به من معانٍ يرفضها وهناك من يغرق في الحب حتى يهلكه.

والحقيقة أن الشباب الحديث صار أكثر وعيا، وتخلَّص من بعض المفاهيم الخاطئة التي ارتبطت بالحب زمنا طويلا، فلم يعد مقبولا فكرة التمسك بشخص معين وحب مستحيل وإلا كان البديل هو الموت أو الجنون كما في قصص «روميو وجولييت» و«قيس وليلى»، طبعا هناك جاذبية خاصة تجعل شخصا بعينه مقبولا وغيره مرفوضا، ولكن تلك الجاذبية قابلة للتكرار بدليل أن الكثيرين يتزوجون ويقعون في الحب مرات عديدة طيلة حياتهم، كما أن فكرة أن الحب يعلو ولا يعلى عليه أيضا صارت مرفوضة من شباب اليوم المستنير أكثر مما نتصور، لن نجد حاليا «الأميرة إنجي» التي تصر على حب «علي» ابن الجنايني، صار التكافؤ مهما مع جيل جديد عملي جدا.

ولكن الفكرة التجارية التي مازالت مستمرة هي أن الحب بمعنى الغرام هو مصدر السعادة الوحيد في الحياة، تخبئ الفتاة الصغيرة أحلامها في وسادتها وتكبح مشاعرها بين جوانحها وتغذي خيالها بحب الأغاني والأفلام، فإذا تزوجت ألبست زوجها ثوب فارس الأحلام وخلعت عليه تاج الجزيرة السحري، ومن هنا تنشأ المشكلة.

إنها تغرقه بمشاعرها وتتوقع منه أكثر مما يسمح به واقع الحياة اليومية، وبعد فترة العسل الأولى يصبح ذلك الاهتمام الزائد عبئا على العلاقة الزوجية وحائلا دون نموها وتطورها الطبيعي، ومن ناحية أخرى فإن كل مبالغة في اتجاه يصاحبها تقصير في اتجاهات أخرى، فلن نعطي باقي مصادر الحب حقها، كما أن فرط الارتباط يحول دون نمو الشخصية المستقلة وتتحول تدريجيا لمجرد تابع أو ظل للزوج، وإذا كان هذا يسعد بعض الأزواج في البداية إلا أنه سرعان ما يشعر بعبء تحمل شخص آخر لا يمكنه السير إلا مستندا على عكازه، وتزداد الأمور تعقيدا إذا صادفت الأسرة بعض المتاعب التي تحتاج يدين تدفعان سويا لأن يدًا واحدة لا تصفق.

الحب كالشهد الذي يجمعه النحل من كل الزهور الجميلة ثم يضخه عسلا مصفى، وكلما تعددت مصادره ازدادت حلاوته وتأكدت فائدته، أما الحب من مصدر واحد فهو راكد قليل الفائدة، إذا لم تكن تحب انشغل بمصادر الحب الأخرى فهي تغذي نفسك وقلبك وعندما تعثر على الحب مارسه بقانونه الداخلي ولا تهمل باقي مصادره.

كل شيء في الدنيا له قانونه الداخلي الذي يحكمه، والقانون العام هو العدل، بمعنى الاعتدال والوسطية، حتى الحب، فإن مقداره المضبوط هو المطلوب، مقداره المناسب هو توقف قبل التخمة بخطوة وانشغل أحيانا بالمصادر الأخرى ولا تنس أن تنمي شخصيتك وتطورها ثم تعيد الكرة وكأنك شخص جديد.

والزواج كما يعرفونه حاليا هو علاقة بين راشدين يقوم كل منهما بدوره في الحياة على أكمل وجه ثم يتعاونان فيما بينهما لتحقيق السعادة المتبادلة.

وإذا كان للحب معادلة فلن تكون واحد + صفر على الشمال= واحد يحمل العبء كله ويمل من ذلك الحب المزعوم، ولكنها ستكون واحد + واحد= اثنان ناجحان متعاونان يتنفسان حبا صحيا.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال