الخميس، 28 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

59 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

11-12-2014 10-11-59 AM

تسنيم منذر الكيالي:

ما زلتُ أذكر أوّل يومٍ لي في مدرستي الجديدة هذا العام وكأنّه كان بالأمس، والآن قد شارفت السّنة الدّراسيّة على الانتهاء.. فمتى مرّت كلّ هذه الأيّام؟! ولماذا لم يشعر معظمنا بمرورها؟! وهل ستمضي بقيّة السّنين بهذه الطّريقة وبهذه السّرعة الفائقة؟! أسئلة طالما حيّرتني وشغلت تفكيري.

 نظرتُ إلى حياتنا وإلى طريقة عيشنا لعلّها تكون السّبب وراء مشكلتنا في أوقاتنا، فرأيتُ أنّ الطّالب يصحو من نومه مرغمًا مكرهًا على الذهاب إلى المدرسة وكأنها دار حبسٍ وتعذيب، فلا يقوم من فراشه إلّا لأنّه لم يجد خيارًا آخر، ثم يهوّن عن نفسه قائلًا: ما هي إلّا ساعاتٌ قليلةٌ سأمضيها سريعًا مع رفاقي في المدرسة، ثمّ أعود إلى المنزل فرحًا عندما تنتهي، وبالفعل يجرّ الطّالب نفسه جرًّا إلى المدرسة، كالذي يحمل على ظهره جبالًا من هموم الدّراسة والمدرّسين فلا يستطيع المشي إلّا بتثاقلٍ وانحناء.

ثمّ تبدأ الحصّة الأولى أو كما يعتبرها كثيرٌ من الطّلاب «الكابوس الأوّل»، فالذي لم ينم بالأمس ينام في هذه الحصّة مع إبقاء عينيه مفتوحتين عندما ينظر إليه الأستاذ ومغلقتين إذا أدار ظهره، وعندما يرنّ جرس انتهاء الحصة «جرس الإنقاذ» يستيقظ النّوام، ويبتسم كلّ عابسٍ لزوال الأحزان، وبعد ذهاب المدّرس الأوّل وأخذ قسطٍ قليلٍ من الرّاحة يأتي المدرّس الثّاني، فالثالث، فالرّابع، والطّلاب مازالوا على الحال نفسه، فإن غاب أستاذ شعروا ببهجةٍ وسعادة لا توصف، وأصبح الصّف وكأنّه شعبٌ انتصر أخيرًا على حكم ظالمٍ جائر حكمهم لسنواتٍ وقيّد حريّتهم ومتعتهم فاحتفلوا برحيله إلّا من رحم ربّي من المعلمين المخلصين المحبوبين.

وسرعان ما ينتهي ذلك كلّه، فتنتهي ساعات الدّوام، ويركض الأولاد إلى منازلهم سعداء بعد أن كانوا متعبين ومنهكين، فمن رآهم قبل لحظات ظنّهم أمواتًا، فيعودون إلى البيوت فرحين، يستريحون ويسرحون ويأكلون ويرتاحون ويلعبون ويجلسون على الحاسوب تارةً، ويشاهدون قنوات التّلفاز تارةً أخرى، ويتكلّمون في الهاتف مع رفاقهم في ساعات طوال.. فيمر اليوم وتنقضي السّاعات بلا أيّ إنجاز يُذكر، ويعود الأولاد مرّة أخرى إلى الفراش حاملين هموم الغد وتستمرّ الأيّام وتتقدّم على هذه الحال.

كيف ولماذا نعيش؟

هذه صورة من صور الحياة التي نعيشها الآن أو بالأحرى نموتها الآن، فكلّ يومٍ يمرّ ينقص في المقابل من عمر الإنسان شيئًا، وتكمل الأيّام سيرها مسرعة لا تنتظر أن يصحو من نومه هذا ولا ذاك.. وكثيرٌ من النّاس لا يعلم كيف يعيش، والأوْلى من ذلك أن يعرف المرء لماذا يعيش، وما الهدف الحقيقيّ من وجوده في الحياة؟ أهو يعيش فقط لأنّه وجد نفسه فجأةً من سكّان هذا الكوكب؟ فكان كمن ألقى بنفسه في نهر الضّياع، أينما جرى هذا السّيل فهو لا محالة ذاهبٌ معه أينما اتّجه دون تفكير، إلى أن ينتهي جريانه في نقطةٍ ما فيلقيه وتنتهي حياته!

وللأسف فهذه حياة الكثيرين منّا، لا نشعر بأيامنا لأننا فقدنا الغاية منها، نريد فقط أن ننهي يومًا نعيشه الآن بأسرع وقت ممكن بحجّة أنّنا نتطلّع إلى المستقبل الذي يُخيّل إلينا أن الّسعادة توجد دائمًا فيه.. فالطّالب يحلم بانتهاء المدرسة، فإنِ انتهت سنةٌ يتطلّع أن تنتهي السّنة التي تليها، فإن انتهت أمِلَ أن تمرّ السّنة التي بعدها أسرع منها حتّى يتخرّج ويترك المدرسة إلى الأبد، وعندما يتركها فإنّه يطمح أن يرتاد الجامعة، وعندما يضمن له مقعدًا فيها فإنه يحلم بالوقت الذي سيتخرج فيها ويأخذ شهادته الجامعيّة ويعمل بها ويعيش عيش الأغنياء والسعداء، وعندما يحصل على بعض هذه الأمنيات يبدأ يفكّر في الزّواج وإنجاب الأبناء ظنًّا منه أنّ السّعادة لا تكون إلا إذا تحقق له كل ذلك، فإن تحقق وأنجب الأبناء يرى أنهم مازالوا أطفالًا فيحلم باليوم الذي سيكبرون فيه ويعقلون، وهكذا تستمر الأحلام.

هذا طبع الإنسان؛ كلّما تحقق له مرادٌ يتمنّاه طمح إلى ما هو أعلى، ظنًّا منه أنّه سيكون أسعد النّاس إن وصل إلى ما تمنّاه، فما إن وصل إليه اعتاد عليه ووجده أمرًا عاديّا، بل طمع بالمزيد، تمامًا كمن يرى سرابًا من بعيدٍ في وسط الصّحراء فيركض إليه، وعندما يصل إليه لا يجده شيئًا.. يركض الإنسان مستعجلًا يريد فقط أن ينتهي مما هو فيه ويفرّط بحاضره، لا لشيء إلّا لأنّه يريد اللحاق بمستقبله وعيشه فهو يخاف إن تأخّر أن يضيع عليه، لكنّه لو تذكّر أنّ الله قد كتب لكلّ امرئ منّا مصيره وعمله لاطمأنّ قلبه وما عاد يقلق على مستقبلٍ ولا حاضر، فقد أيقن أنّه لن يصيبه إلّا ما كتب الله له.

ألم تسمعوا بالحكمة التي تقول: «إنّ المستقبل في الدّنيا شيءٌ لا وجود له، إنه يوم لن يأتي أبدًا، لأنّه إن جاء صار حاضرًا». أجل، هذه هي الحقيقة التي أغمضنا أعيننا عن رؤيتها وأغلقنا آذاننا عن سماعها؛ ففي الدّنيا نمتلك فقط الحاضر، أمّا المستقبل الحقيقيّ الذي علينا أن نطمح إليه فهو مستقبلنا في الآخرة، والعاقل منّا من رأى حاضره الآن بين يديه فعمل به لآخرته، فليس هنالك وقتٌ آخر للعمل إلا به، لا الماضي الذي ذهب ولا المستقبل الذي لم يأتِ وقد لا يأتي!

ابدأ الآن

الآن هي اللحظة الوحيدة التي نمتلكها، فلا تقل سأكلّم فلانًا غدًا في موضوعٍ ما بل كلّمه الآن إن استطعت، ولا تقل عندما تأتي الإجازة سأفعل كذا وكذا وأمارس كلّ هواياتي، بل ابدأ الآن ومارس هواياتك، ولا تقل سأدرس غدا بل ادرس الآن، ولا تقل سأفعل كذا وكذا غدًا بل افعله الآن، ولا تقل بأنّك ستكون الأسعد بين البشر عندما تكبر بل اسعد بحياتك الآن إن استطعت، فكمْ سمعنا من كبارٍ قالوا إنّهم عاشوا أجمل لحظات حياتهم في صغرهم، فلماذا لا نرى جمال الحياة في وقتنا الحاضر ونسعد بها نحن أيضًا؟ فالسّعادة بأيدينا نحن وليست بأيدي غيرنا، أبوابها مفتوحة دومًا أمامنا، ولكن علينا أن نسعى نحن إلى إيجادها لا أن ننتظر أن تجيء هي إلينا. ومن أراد أن يكون سعيدًا أغمض عينيه عن أيّ تشاؤمٍ أو أمرٍ سلبيّ من الممكن أن يعكّر عليه صفو حياته، فلا يرى إلّا ما فيه تفاؤل وأملٌ وإيجابيّة. فلا تكن كمن أراد الذّهاب في رحلةٍ مع رفاقه، فلمّا رأى الحافلة قديمة ومهترئة ظلّ يشكو طول الوقت ولم يشعر بالسّعادة بعدها لأنّ مزاجه كان قد تعكّر، ولكنّه لو تجاهل هذه الأمور البسيطة ونظر إلى الجانب المشرق في الموضوع وحمد الله على أنه وجد أصلًا من يوصله إلى تلك الرّحلة لما شعر بضيقٍ وتعاسة بل لارتاح قلبه واطمأن، فبحمد الله والرّضا بقضائه تكمن السّعادة.. فعِش أوقاتك بكاملها الآن واستفد منها فيما هو نافع، ولا تبذرها فيما هو تافه ولا تؤجّل أمورك، ولا تسعى إلى إنهاء أمرٍ ما بأسرع سرعةٍ فقط لأنّك متشوّقٌ إلى الأمر الذي بعده، فمن يدري هل سيأتي هذا الغد أم لا؟!

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال