- الأحد، 21 ديسمبر 2014 06:02
فيصل يوسف العلي :
الله سبحانه أمر بالاجتماع والائتلاف، ونهى عن الفرقة والاختلاف، والخلاف بين الناس سنة كونية، وحكمة ربانية، قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ...}(هود: 118-119)، والتأليف بين الأمة والسعي في اجتماعها وإجماعها على الحق،
من أعظم الأمور، وقد رُسم لنا الطريقُ المبين، في كتاب رب العالمين، بقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا ْ}(آل عمران: 103)
والتمسك بحبل الله المتين، والاجتماع على ما فيه من الصلاح والائتلاف والدين، والبعد عن الشقاق والاختلاف، وتحقيق مصالح الأمور، والعمل على سلامة الصدور، فيه سعادة الدارين، فإن الله عقد بيننا أخوة الإيمان، وجعل بعضنا لبعض كالبنيان، وشرع لنا التشاور
والتناصر بالبيان.
وهذه التعاليم القويمة، والإرشادات الحكيمة، والنصائح العظيمة، أرشد بها الرسول " صلى الله عليه وسلم" أمته في خطبة الوداع، ووصفهم بأنهم إخوة متراحمون متحابون، ولم يشهد تاريخٌ مثلَ مؤاخاة المهاجرين والأنصار.. فلم يكن تجمُّعهم وتعاونهم من خلال قمع ولا
إجبار، وهو المثال الحي على ما يمكن أن يصل إليه التآخي والتآزر في دنيا الناس، ومدى القدرة على أن تتمثل هذه القيم في سائر الخلق.
والإنسان مطبوع على الافتقار إلى جنسه، وإنما خصَّ الله تعالى الإنسان بكثرة الحاجة، وظهور العجز، نعمة عليه، ولطفًا به، فائتلافهم بالاختلاف والتباين، واتفاقهم بالمساعدة والتعاون، فإذا تساووا لم يجد أحدهم إلى الاستعانة بغيره سبيلًا، فلابد من طرق علمية، ودراسات
منهجية، توضح الطريق.. ففقه الائتلاف مطلوب، ووعي الإجماع مرغوب.. فالإنصاف الإنصاف في سعة الخلاف، والحذر الحذر من آفة الانحراف..
فالألفة تجمع الشمل، وتمنع الذل، والمؤاخاة بالمودة، هي من أسباب الألفة.