الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

83 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

m esdef ult

 سلطان فهيد التمياط يكتب:

(جئت أقول لسموكم إنني أحد الأيتام الذين رعاهم الدكتور عبدالرحمن السميط وأعانهم وساهم في تعليمهم إلى أن نلت شهادة الدكتوراه، وها أنذا اليوم سفير لبلادي السنغال في الكويت)، «السفير عبد الأحد إمباكي أثناء تقديم أوراق اعتماده».

لطالما راودتني فكرة الكتابة عن الطبيب الإنسان عبدالرحمن السميط وفي كل مرة أَجد الكلمات عاجزة وخجولة أمام هذا الزخم الهائل من العطاء والإنجاز طيلة أربعين عاما حافلة بالعمل الإنساني والخيري. إلا أن ما دعاني للمحاولة هذه المرة هي رغبتي بأن أتوجه بها لجيل الشباب من الأطباء والعاملين في المجال الطبي والإنساني على وجه الخصوص، قد يكون من المفيد، وربما الضروري، أن نستعيد رحلة إنسان قام بأعمال استثنائية، وقبل أن يمضي ترك لنا ما يجب أن يبقى في ذاكرتنا وذاكرة أجيال قادمة.

بدأ مشواره مع الطب في سن الخامسة قبل دخوله المدرسة حين أنشأ عيادة في سطح منزل عائلته، حيث خاطت له شقيقته الكبرى معطف الطبيب الأبيض ليمارس هوايته في التشخيص والعلاج لأقرانه الصغار. لقد تربى صغيرا على الجد والقيام بالواجبات المنزلية والمدرسية بانضباط كبير، وحين أنهى المرحلة الثانوية وفي رحلة البحث عن كلية الطب لتحقيق حلم الطفولة قيل له إن كلية طب بغداد لا ينجح منها أحد، ورغم قبوله في مصر وأمريكا حينها إلا أنه قال لرفاقه سأذهب إلى طب بغداد لكي أنجح، وحين تحقق له مراده لم يكتف بتلك الشهادة بل ذهب إلى بريطانيا وكندا للحصول على دراسات عليا في أمراض الجهاز الهضمي وأمراض المناطق الحارة، وأثناء سنوات الدراسة الشاقة والطويلة، بدأ مسيرته الإنسانية والخيرية بين الطلبة العرب وشارك في تأسيس جمعية الأطباء العرب والمسلمين في كندا عام 1976 دون ضجيج وبإمكانيات محدودة. وبعد عودته للكويت عمل طبيبا في اختصاص الباطنة والجهاز الهضمي في مستشفى الصباح بين عامي 1980-1983، نشر له العديد من الدراسات والبحوث في هذا المجال.

ولأنه اكتسب خبرة جيدة أثناء سنوات الدراسة والاغتراب في العمل النقابي والمؤسسي وقدرة هائلة على تحفيز الآخرين بالمشاركة بالعمل التطوعي وتنظيمه، فقد استثمر تلك المهارات وقام بتأسيس لجنة الإغاثة الكويتية لمساعدة آلاف المرضى والجياع في السودان وموزمبيق وكينيا والصومال وجيبوتي خلال المجاعة الكبرى في تلك الدول، ولأنه الطبيب الذي تخلق بصفات الرحمة والعطف والإنسانية فإن معايشته لضحايا المجاعة الكبرى في عام 1984 وقيامه بمساعدة وإنقاذ مئات الآلاف من الجوعى والمرضى بجهود وأموال محدودة كان لها أبلغ الأثر في مسيرته.

وإذا كانت معاناة البشر خاصة الفقر والمرض تترك تأثيرات بالغة الأهمية على الإنسان، فمما لا شك فيه أن تأثيرها على الطبيب تكون في أحيان كثيرة أقوى وأبلغ، وهذا ما دعاه إلى التفرغ تماما للأعمال الإنسانية، ومنذ ذلك الوقت وحتى وفاته قبل ثلاثة أعوام عاش متنقلا بين قرى وأدغال القارة السمراء، حيث تخللها العديد من المصاعب والتحديات. لا أعتقد أن رجلا عربيا في زمننا المعاصر انغمس في حياة الفقراء والمعوزين كما فعل عبدالرحمن السميط، كانت أعماله أكثر من أن يتم حصرها، نادرا ما كان يقدم المال للفقراء أو للمندوبين، بل يتبنى مشاريع تنموية صغيرة ويشرف عليها بنفسه مثل بقالات ومخابز أو مكائن خياطة أو مزارع منتجة تدر دخلا للفقراء وتنتشلهم من الفقر والحاجة وتترك أبلغ الأثر في نفوسهم.

ومنذ ذلك الوقت أصبح عبدالرحمن السميط بطلا ومنقذا لملايين البشر في أفريقيا وحدها، وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها أكبر منظمة عالمية في أفريقيا، لك أن تتخيل أن مرافقها العلمية تدرس أكثر من نصف مليون طالب وتمتلك أكثر من أربع جامعات، كما أن إنجازاتها التنموية والخيرية شملت حفر أكثر من 8600 بئر وإعداد وتدريب أكثر من 4000 معلم ومفكر إسلامي، ومئات المراكز الطبية والمساجد ودور حفظ القرآن، كما أثمرت جهوده وأعماله الإنسانية التي لم تفرق بين ديانات الأفارقة، إلى إسلام ما لا يقل عن 10 ملايين إنسان وعشرات الألوف من القبائل بأكملها وزعماء قبائل استطاع أن يصل إليهم ويتكبد عناء السفر الشاق المحفوف بالمخاطر حمل إليهم أعمالا جليلة وليست كلمات!

الآن، وبعد غيابه، نشعر بأهميته أكثر من قبل، ونشعر بأهمية الدور الذي قام به، قليلة إن لم تكن نادرة، تلك الأعمال التي قامت بها دول وليس أفرادا والتي تمتلك الصدق والإخلاص بهذا المقدار وبهذا الحضور الطاغي بين الفقراء والمعوزين، ولأن الكبار لا يرحلون أبدا بل هم باقون بيننا، فإن عبدالرحمن السميط وبأعماله الرائدة أصبح وللأبد أيقونة العمل الخيري في تاريخ أمتنا وفي وجدان الفقراء والمعوزين الذين أحدث تغييرا كبيرا في حياتهم، سيمضي وقت طويل قبل أن تلد النساء رجلا بمثل هذا العطاء.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال