الخميس، 25 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

42 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

هذا ديننا

4 8 2015 9 09 01 AM

د. إيهاب عبد السلام :

يبقى إعجاز القرآن الكريم دائمًا وأبدًا.. وأخصُّ هنا الإعجاز اللغوي.. فمع أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين وبكلمات ألِفَهَا العرب وترددت في أحاديثهم، فإن تراكيب القرآن ودلالتها تعكس خصوصية عجيبة تجعل من يتأملها يعيش في الكلمة ولا يستطيع أن يحيط بجمالها وما تفيض به من دلالاتٍ ومعانٍ.

4 5 2015 9 27 51 AM

د. مسعود صبري :

يمثل العدد خمسة مع غيره من الأعداد أهمية في الإسلام، فقد جاءت أحكام شرعية وفقهية على هيئة خمسة، ومن ذلك:

الأحكام الشرعية خمسة:

فقد نص علماء الأصول على أن الأحكام الشرعية التكليفية خمسة هي:

الأول: الواجب ( الفرض): ما طلب الشارع فعله على سبيل اللزوم، بحيث يثاب فاعله ويعاقب تاركه، كالصلوات الخمس، والزكاة والحج والصوم للقادر، وكصلة الرحم، وغير ذلك.

الثاني: المستحب، أو المندوب، وهو ما طلب الشارع فعله لا على سبيل اللزوم، بحيث يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. مثاله: نوافل الصيام والصلاة ونافلة الحج والعمرة والصدقة وكل خير لم يؤمر به الإنسان.

الثالث: الحرام، وهو ما طلب الشارع تركه على سبيل اللزوم، بحيث يعاقب فاعله، ويثاب تاركه امتثالا، كحرمة الزنى والربا والخمر والميسر وقطعية الرحم ونحو ذلك.

الرابع: المكروه: ما طلب الشارع تركه لا على سبيل اللزوم، بحيث لا يعاقب فاعله، ويثاب تاركه امتثالا، المبالغة في المضمضة والاستنشاق أثناء الصيام.

الخامس: المباح: وهو ما يتساوى فيه الفعل والترك، كغالب الأمور الجبلية، كالنوم واليقظة والمشي والقعود والأكل والشرب وغيرها، فهي في أصله مباحة، لكن ما ورد في هيئاتها مستحبة، كهيئة الأكل والشرب والنوم وغيرها.

أركان الإسلام خمسة:

ومن المعلوم أن أركان الإسلام التي يبنى عليها خمسة، لكن الإسلام ليس خمسة أمور فقط، بل الخمسة هي أساسياته، وهي:

الأول: الشهادتان.

الثاني: الصلاة.

الثالث: إيتاء الزكاة.

الرابع: صوم رمضان.

الخامس: حج البيت.

الصلوات المفروضة خمسة:

وهي صلاة الصبح، وصلاة الظهر، وصلاة العصر وصلاة المغرب وصلاة العشاء.

مناسك الحج خمسة:

وهي:  الصفا و المروة و منى و المزدلفة وعرفات

أصحاب الأعذار عن الصلاة خمسة:

فالذين عذرهم الله تعالى ورفع عنهم إثم ترك الصلاة خمسة أصناف، هم: الحائض والنفساء، والنائم، والناسي، والمجنون، والصبي.

المقاصد الكبرى خمسة:

والمقاصد الكبرى هي الغايات التي من أجلها جاءت الشريعة، وهي موجودة في كل الأديان، ويتفق عليها كل أصحاب الفطر السليمة، ولا غنى للناس عنها، وهي:

1- حفظ الدين.

2- حفظ النفس.

3- حفظ النسل.

4- حفظ العقل.

5- حفظ المال.

القواعد الفقهية الكبرى خمسة:

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن أحكام الشريعة ترجع إلى خمس قواعد، هي:

القاعدة الأولى: الأمور بمقاصدها:

 فغالب الأمور يرجع حكمها إلى النية. فالجهاد وقراءة القرآن، وإنفاق المال من أحب الأعمال إلى الله، لكن إن ابتغى الإنسان بشيء منها الثناء عند الناس لم تكن هذه الأعمال واقعة على وفق الشرع، فلا ينال الإنسان بها ثوابا، وقد جاء في الحديث أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة هم من ذكروا.

القاعدة الثانية: اليقين لا يزول بالشك:

 فإن طرأ شك على شيء مبني على اليقين فلا عبرة بالتوهم والشك. فمن خرج من البيت متوضئا ثم جاء وقت الصلاة فشك هل نقض وضوءه، فالأصل أنه متوضئ ولا حاجة له في أن يعيد الوضوء، بخلاف من خرج من بيته بغير وضوء، ثم شك أنه توضأ، فيجب عليه الوضوء، وكمن صلى لا يدري ثلاثا أم أربعا، فاليقين أنه صلى ثلاثا، والشك في الرابعة، فيجب عليه أن يصلي رابعة ثم يسجد للسهو.

القاعدة الثالثة: الضرر يزال:

فقد حرمت الشريعة أن يضر الإنسان نفسه، أو يضر غيره، وقد ورد في الحديث:" لا ضرر ولا ضرار"، فكل ضرر في الشريعة مرفوع، إلا إذا تعين ارتكاب أحد الضررين، فإنه يرتكب الضرر الأخف.

القاعدة الرابعة: المشقة تجلب التيسير:

ومعناها أن كل مشقة غير متحملة، ترفع التكليف والإثم عن الإنسان، بخلاف المشقة المتحملة، فالمشقة لا تعرف من الشريعة نهائيا، فكل التكاليف فيها مشقة، فالصلاة والزكاة والحج والصوم وغيرها فيها مشقة.

ويدخل في هذه القاعدة كل أسباب الأعذار، كالسهو والنسيان، والخطأ، الإكراه، والسفر، والمرض وما يتعلق بها من أحكام.

القاعدة الخامسة: العادة محكمة:

والمقصود بها أن الأوامر الشرعية العامة التي لم تبين السنة تفاصيلها، تحكم العادة فيها، مثل وجوب المهر للمرأة، فإن مقدراه يرجع إلى عرف الناس، ومقدار النفقة على الزوجة والأولاد يرجع فيه إلى القدرة والعرف، وضابط المعاشرة بالمعروف يرجع فيه إلى العرف.

 

633256324

أ.د. مصطفى رجب :

تثير آيات القرآن الكريم المتشابهة لغطا كثيرا بين طلاب العلم، لاسيما الذين يهجمون على الإفتاء – منهم - بغير علم. كما أن تلك الآيات المتشابهة تستوقف القارئ أو السامع العادي الذي لم يؤت حظا من العلم بعلوم القرآن الكريم، فيفكر فيها، وربما قاده تفكيره إلى إساءة فهم المراد بتلك الآيات.

والسطور القادمة تسعى إلى كشف ما قد يكون بين بعض الآيات من تشابه، وبيان ما بينها من فروق لغوية دقيقة، ذكرها العلماء ممن رزقهم الله تعالى البصر والبصيرة فتدبروا آيات الله، ووقفوا على أسرارها، وأوضحوا ما بينها من روابط تجعل التعبير القرآني خير قدوة للقارئين والكاتبين.

< يقول الله تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ  وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (المائدة:13)..

ثم قال في السورة نفسها: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} (المائدة:41).

فما سبب الاختلاف بين الآيتين، أو بالأحرى بين الجملتين اللتين تتحدثان عن تحريف الكلم؟ لم قال مرة: «عن مواضعه» ومرة: «من بعد مواضعه» والسورة واحدة؟.

في مثل هذه الحالات التي يبدو فيها التشابه بين الآيات قويا ملحوظا يحسن بنا أن نعود إلى السياق العام الذي وردت فيه كل من الآيتين: وسنرى أن الآية الأولى نزلت في شأن اليهود الذين حرفوا كلام الله، ونقضوا ميثاقه الذي واثقهم به، كما دلت عليه الآية السابقة للآية التي بين أيدينا، إذ تقول الآية السابقة لها:

{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا  وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ  لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ  فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} (المائدة: 12).

ومن المعلوم أنهم بعد هذا الميثاق تطاول بهم العهد وهم ينقضون الميثاق يوما بعد يوم، فلا عبدوا الله، ولا وقروا رسله، بل قتلوهم، ولا أقرضوا الله قرضا حسنا.. فجاءت الآية التالية مصدرة بالفاء التي تفيد التعقيب، وبالباء التي تدل على السببية في قوله: {َبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ } أي بسبب نقضهم ميثاقهم حلت عليهم اللعنة.

وهنا كان لا بد للسياق القرآني أن يستخدم «عن» في قوله: {ُيحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}. لأن «عن» في اللغة العربية موضوعة «لما جاوز الشيء إلى غيره ملاصقا زمنه لزمنه»، أي أن تحريفهم لكلام الله ونقضهم لميثاقه لم ينتظروا به طويلا، بل حدث هذا منهم قريبا من نزول هذه التعاليم إليهم. فمجاورة زمن التحريف لزمن التكليف وقربه منه جاء بالحرف «عن» للدلالة على تجاور الزمنين.

أما الآية الثانية: {ُيُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} فقد وردت في سياق آخر يوضحه نص الآية كاملا. إذ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ  وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا  سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ  يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ  يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا  وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا  أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ  لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } (المائدة: 41).

فالسياق الكامل للآية يدل على أنها نزلت في قوم مخصوصين من اليهود على زمن نبينا محمد  " صلى الله عليه وسلم"  تحالفوا مع قوم من المنافقين ممن قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وقد أرسل هؤلاء وفدا للنبي  " صلى الله عليه وسلم"  يسألونه عن حكم زان محصن، وقالوا للوفد: إن أفتاكم محمد بالجلد فأقيموا الحد، وإن أفتاكم بالرجم فلا ترجموا الزاني. فجملة {ِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا }، وهي مقول قولهم لوفدهم - كما يظهر من الآية - جملة تفسيرية للجملة السابقة عليها: {ُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} لأنهم فعلوا هذا وعندهم التوراة، فيها حكم الله معروف لهم في الجلد والرجم، فأنكروه ونصحوا وفد المستفتين نصحا يخالف ما استقر عندهم من شرع الله. فهنا جاءت «بعد» لتدل على استقرار كلام الله عندهم: أي من بعد طول عهد بهذا الكلام الذي يحرفونه عمدا. لأن «بعد» تفيد استقرار حكم ما بعدها.

< ويقول الله تعالى في شأن موسى عليه السلام: {فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} (الأعراف:107).

وقال في موضع آخر: { تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ} (النمل:10)

قد يتوهم بعض طلاب العلم أن بين الآيتين تناقضا، وحاشا لله تعالى، فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. لكن سياق الآيتين مختلف. فالآية الأولى جاءت في سياق حوار برزت فيه قمة التحدي بين رسول الله موسى عليه السلام من جهة، وفرعون وسحرته وجنوده من جهة أخرى. وكان سحرة فرعون يسترهبون الناس بتحويل عصيهم إلى ثعابين وحيات تسعى. فأوحى الله تعالى إلى موسى أن يلقي عصاه وهي – بقدرة الله تعالى - ستتحول إلى ثعبان عظيم، يلقف في جوفه كل ثعابينهم المزعومة. لتكون آيته التي سأله عنها فرعون – في السياق - من جنس آيات سحرة فرعون.

أما الآية الأولى فقد وردت في سياق أول حوار وقع بين رب العزة جل شأنه وبين موسى عليه السلام، حين ناداه ربه بالوادي المقدس - للمرة الأولى – فكان اهتزاز العصا شديد الوقع على نفس موسى عليه السلام، حتى بدت له كما لو كانت جنا يهتز. وحين نقرأ الآيات كاملة، ندرك مدى الرعب الذي حاق بهذا النبي عليه السلام حين توالت عليه المفاجآت، قال تعالى:

{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) وَأَلْقِ عَصَاكَ  فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ  يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)} (النمل:8-10).

< يقول الله تعالى عن نبينا محمد  " صلى الله عليه وسلم" : {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } (النجم: 2)

وقال الله في موضع آخر مخاطبا رسوله الكريم: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (الضحى:7)

فكيف نوفق بينهما؟

والجواب أن الضلال المراد في سورة النجم هو الضلال في الدين، وفي أمور العبادة والنبوة والإخبار عما في الغيب. والغواية بمعنى اتباع الهوى. فالنفي هنا لتأكيد أمانة النبي  " صلى الله عليه وسلم"  في التبليغ عن ربه، وصدقه المطلق في كل ما يأتي به قومه من أمور الدين الموحاة إليه من ربه.

أما الضلال الوارد في سورة الضحى فالمراد به الضلال في شؤون الدنيا المضطربة آنذاك – قبل المبعث - فقد كان محمد  " صلى الله عليه وسلم"  يرى قومه – قبل المبعث - على غوايتهم يعبدون الأوثان ويعظمون شأنها. فيحار بين ولائه لقومه، وبين ما تأباه فطرته السليمة من أمور عبادتهم. فتصيبه من ذلك حيرة طال عهدها به، حتى كان يلجأ إلى الغار يتأمل السماء والنجوم، ويدرك أن لهذا الكون خالقا أعظم. فعبر عن فترة القلق والحيرة تلك بالضلال تشبيها لحاله –  " صلى الله عليه وسلم"  - أثناءها بحال السائر في الصحراء على غير هدى لا يعلم طريقه. فالضلال هنا غير الضلال هناك.

< قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ } (آل عمران:144).

فكيف يقول: «مات أو قتل» مع أنه أخبر في آية أخرى أنه لن يقتل، وذلك حيث يقول سبحانه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (الزمر:30)

وحيث قال: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة:67)

والجواب عن ذلك أن صدق القضية الشرطية لا يتطلب صدق جزأيها، فحين يقول الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الأنبياء:22).

القضية في أصلها صادقة: أي لو وجدت آلهة أخرى لعم الفساد، لكن جزأيها كاذبان، فلا آلهة ثم ولا فساد.

فليس معنى الآية أن الارتداد على الأعقاب مرتبط بحالتي الموت أو القتل فقط. بل هو واقع لا محالة.

وقال الألوسي في هذا المضمار قولا شافيا حين قال: إن كلمة «إن» لا تجري في كلام الله تعالى على ظاهرها بإيراد الشك في علمه تعالى بالوقوع وعدم الوقوع. بل يحمل الشك على اعتبار حال السامع، أو ما يناسب المقام، وقد وردت «إن» هنا – أي في هذه الآية – لتنزيل المخاطبين منزلة المترددين فيه لعظم ما ذكر لهم. (روح المعاني: 4:77).

قال تعالى: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ} (آل عمران:126).

وقال في سورة الأنفال: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ} (الأنفال:10) قد يتوقف القارئ أو السامع أمام هاتين الآيتين، فيلاحظ أن الجار والمجرور «لكم» جاءت بعد البشرى في آل عمران، ولم ترد في الأنفال. وإن الجار والمجرور «به» قد جاءت بعد القلوب في آل عمران، وجاءت قبلها في الأنفال. فما السر؟

إن تأمل السياق الذي وردت فيه كل آية من الآيتين يدل على سر ورودها على هذا النحو. فآية آل عمران جاءت إخبارا للمؤمنين بما تحقق لهم من عون من عنده سبحانه في غزوة بدر، على نحو ما يظهر من الآيات السابقة على هذه الآية {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ}.

أما آية الأنفال فقد وردت في سياق يدل على أن المؤمنين استغاثوا وطلبوا العون من الله. حيث يقول تعالى:

{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} فلما جاءت «لكم» ملتصقة بالاستجابة الفورية لاستغاثتهم. أغنى ذلك عن مجيئها مع البشرى.

وأما تأخير «به» بعد «قلوبكم» فلأنه لما أخر الجار والمجرور في الكلام الأول (بشرى لكم)، وعطف الكلام الثاني عليه، أخر الجار والمجرور في الثاني كما أخره في الأول.

وأما تقديم «به» في الآية الثانية فلأن نفوس المؤمنين - وهم في حال كرب واستغاثة - أحوج ما تكون إلى التثبيت والطمأنينة.

والضمير في «به» عائد على إنزال الملائكة الذي هو موضوع البشرى. فتقديم الجار والمجرور هنا – وهو ساد مسد المفعول به – أدعى لتهدئة تلك النفوس المتطلعة إلى نصره وعونه.

والله تعالى أعلم.

896523656

د.خالد راتب :

العبودية لله تحتم على العباد السعي نحو تحقيق صلاح الدنيا والآخرة، فالمسلم الحق من يمشي في مناكب الأرض بجسده، وروحه معلقة في السماء، يغذي جانبه المادي مما خلق منه وهو الطين { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ } (ص:71)، وجانبه الروحي من الجانب العلوي بنور السماء { وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} (الحجر: 29 )، وهذه هي التوازنية والوسطية في التعامل مع غذاء البدن والروح، وبهذا التوازن عبر التاريخ استطاع المسلمون أن يجدوا لهم مكانا في مسار الحضارات، وأجبروا العالم كله أن يقف وقفة المتعلم من الحضارة الإسلامية الباهرة، تلك الحضارة التي انطلقت من {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً  }(البقرة:30).

ومعنى استخلاف الله للبشر، وخلافتهم عن الله في الأرض يتطلب إطاعة المستخلف إطاعة كاملة، ولأن السيطرة على الأرض بتمكين الله للبشر تقتضي استغلال كل أوجه الخير فيها، من استنبات الزرع، وإحياء الضرع، وتشجير الأشجار، واستخراج المعادن والزيوت، واستثمار المناجم والمحاجر والمقالع، وإقامة المساكن والمصانع والقرى والمدن، حتى يعرف بكل ذلك ونحوه عظمة الله وقدرته، لأنه هو مانح الحياة لكل الموجودات.

فالخلافة الحقيقية هي التي تجمع بين تعمير القلوب والأبدان وتعمير الأكوان، بمنهج الله وفق سننه التي لا تتغير ولا تتبدل، ومن تلك السنن المطردة التي تغافل عنها كثير من الأجيال، أن السعي في الأرض والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل على الله، بل إن السعي الباب الأول الذي يدخل منه البشر على التوكل، ولا توكل بدون أخذ بالأسباب عند التمكن منها، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}(المائدة: 23)، وقوله سبحانه: { وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ}(يونس: 84)، فجعل الله التوكل على الله شرطا في الإيمان، وكلما قوي الإيمان قوي التوكل والعكس، فالتوكل أصل مراتب الدين، لأنه يشمل الإيمان والإسلام والإحسان.

وأما الآثار الظاهرة للتوكل فيأتي في مقدمتها صحة التعامل مع الأسباب دون الاعتماد عليها أو التعلق بها، فهي وسيلة من وسائل الامتثال والطاعة لرب العالمين ؛ وذلك لأن الله قدر مقدورات مربوطة بأسباب، وأمر عباده بتعاطي هذه الأسباب، ولم ينف عنهم التوكل عليه، قال تعالى: { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة: 10)، كما أن الأخذ بالأسباب من قدر الله، والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، ولو نقص هذا الركن من أبجديات الإيمان لنقص مخزون الإيمان, ولو فقد لفقد الإنسان الإيمان كله. اتخاذ السبب عبادة بالطاعة وتحقق النتيجة قدر من الله مستقل عن السبب لا يقدر عليه إلا الله، وبذلك يتحرر شعور المؤمن من التعبد للأسباب والتعلق بهذا، وفي الوقت ذاته هو يستوفيها بقدر طاقته لينال ثواب طاعة الله في استيفائها.

14177225

فاطمة الحناوي :

الشباب هم روح الأمة، وعنوان حيويتها، وطاقتها البانية، وليس هناك مجتمع أخذ بأسباب التقدم،  ولم يجعل لشبابه الموقع الأول من اهتمامه، فهم معين الحياة الذي لا ينضب، ولم تُعرف أمة من الأمم أولت لشبابها الاهتمام والرعاية ما أولته لهم الأمة المحمدية، بقيادة مربيها وقائدها الفذ، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، محمد بن عبدالله  "صلى الله عليه وسلم"  ، يقول سيد قطب: «إن المبادئ وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكًا، ومن ثم جعل الرسول "صلى الله عليه وسلم"   هدفه الأول أن يصنع رجالًا، لا أن يلقي مواعظ، وأن يصوغ ضمائر، لا أن يدبج خطبًا، وأن يبني أمة، لا أن يقيم فلسفة» فأبدع  "صلى الله عليه وسلم"   في بناء الإبداع في شباب أمته، حيث ضرب "صلى الله عليه وسلم"   المثل الأعلى في رعاية الموهوبين، وصقل كفاءاتهم، بالرعاية والتدريب، والتشجبع والمتابعة، ثم فوق هذا، نمى الجانب الإيماني الروحي في كل عمل ونشاط، وفي كل فكرة وشعور، فالعبادات وما يتبعها من أثر روحاني عميق توجه النفس الإنسانية نحو السمو والصلاح، والإيمان النقي روح كل نفس إنسانية متكاملة، وهو أساس متين لتربية مضمونة النتائج، لذا اهتم الرسول "صلى الله عليه وسلم"   بترسيخ هذا الجانب في الشباب، لتغدو منطلقاته الحياتية إيمانية الجذر، ربانية الصبغة، إلى جانب هذا اهتم  "صلى الله عليه وسلم"   ببناء الشباب بناء نفسيًّا صحيحًا سليمًا، قائمًا على بث شعور الحب، والانسجام مع النفس والأسرة والمجتمع، واهتم بإعدادهم للحياة، حتى يؤهلهم لتجاوز كثير من الأزمات والصعوبات في مستقبل حياتهم، ويضمن لهم رغد العيش دنيا وآخرة، ويرصف بهم مستقبل الأمة الوليدة، ولأنه يريد أن يوجد الفرد القادر على تحمل المسؤولية، والقيام بواجب الأمانة والاستخلاف في الأرض، غرس  "صلى الله عليه وسلم"   في الشباب وحدة الأمة، ووحدة القيادة، وربط طاعة الأمير بطاعته  "صلى الله عليه وسلم"  ، وطاعته  "صلى الله عليه وسلم"   طاعة لله عز جل، ولو اكتفى  "صلى الله عليه وسلم"   بهذا لكفى، لكنه فجر كل طاقة كامنة فيهم، وصقل كل موهبة لديهم، فحري بكل معلم أن ينهج نهج الرسول  "صلى الله عليه وسلم"   في استكشاف مواهب الطلاب.

أما الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، فقد كان موهوبًا في أكثر من مجال، كيف لا؟ وهو ربيب بيت النبوة، فقد نهل من شريعتها وهو غض العود، وقد برزت موهبته في أكثر من واقعة، فتراه  "صلى الله عليه وسلم"   يعتمد عليه في معظم المهام التي تحتاج إلى قوة وجلد، وكان خير الفتيان يوم بدر وأحد وحنين، أما في خيبر فيقول ابن هشام – نقلاً عن ابن إسحاق: «... يقول سلمة: فخرج والله بها– أي الراية التي أعطاها له سيد الخلق  "صلى الله عليه وسلم"   يأنح– يهرول هرولة - وإنا خلفه نتبع أثره، حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن».

ويقول أيضًا: «قال ابن إسحاق: حدثني عبدالله بن الحسن عن أبي رافع مولى رسول الله "صلى الله عليه وسلم"   قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله "صلى الله عليه وسلم"   برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود، فطاح ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند الحصن، فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة معي، أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه».

وإن كانت سيرته "صلى الله عليه وسلم"   مع شباب أمته، كلها شذى وعبير، فقد اكتفيت هنا بذكر اليسير لعل اللبيب يستنير، وينهج مع تلامذته نهج الخبير، ولا يولي عنها وجهًا ولا يستشير.

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال