الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

65 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

13522 25 0

د. عبدالمنعم مجاور باحث دراسات إسلامية:

على الرغم من أن المسلم لا يهمه من الدنيا إلا ما يوصله إلى مبتغاه من رضا الله عزوجل وجنته في الآخرة؛ فإن ذلك لا يعني تركه ميدان الدنيا لغيره؛ يمتلكها ثم لا يلبث أن يتخذ من أدوات امتلاكه لها وسيلة لإيذاء غيره ممن تركوا له ميدانها الفسيح يرتع فيه كما يشاء..

وقد حثنا ديننا الحنيف على الدخول في كل مجال من شأنه أن تقوى به شوكة الإسلام، ويهاب جانبه؛ فإن كنا لا نؤذي غيرنا، ولا نبدأ بالعدوان على سوانا فإن ذلك لا يعني أن نأمن غدر غيرنا، أو نستسلم له استسلام الطائع المختار؛ لأن ذلك ليس من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء، بل هو يتعارض مع ما أمرنا الله به في قوله سبحانه: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (الأنفال:60) فالله سبحانه قد أمر المؤمنين بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكد تقدمة التقوى؛ تلك التقوى المانعة من الابتداء بالعدوان، لكنه الأمر بإعداد القوة حفاظا على جانب الرهبة المانعة لاعتداء الغير «فكل ما تعده لصديقك من خير أو لعدوك من شر فهو داخل في عدتك» (تفسير القرطبي)، ص184. فإعداد القوة، وأخذ الحيطة، والاستعداد الدائم ليس معناه العدوانية، وإنما يدخل في إطار الدفاع عن النفس، وحفظ الهيبة في قلوب الأعداء، وتلك وصاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ما عناها مكحول ابن عبدالله عندما أنكر على من يلومه في ربط الجياد وحبسها بقوله:

تلوم على ربط الجياد وحبسها

وأوصى بها الله النبي محمدا.

وما تمر به الأمة الإسلامية الآن من وهن، وضعف الجانب قد أطمع فيها أعداءها فبدأ بعضهم بالتطاول والإساءة إلى نبينا الكريم، ظنا منه أن تلك الأمة قد تودع منها، فغطت في سبات عميق لن تفيق منه ولو بعد دهور، ولكنه وجد غير ما توقع، ورأى غير ما ظن، فاستفز عند الشعوب نخوتها، وحرك فيها غيرتها على دينها وعلى نبيها، فما كان منها إلا أن استخدمت سلاحا سلميا مشروعا، هو سلاح المقاطعة؛ ذلك السلاح البتار الذي أثبت أن تلك الأمة لديها من الأوراق الكثير الذي تستطيع به تغيير قواعد اللعبة إن جاز التعبير.

لقد بدأ التراجع عن تلك العنجهية المقيتة، وتغيرت لغة الخطاب العنصري المستعلي لمجرد أن قالت الأمة في أيام قلائل: «إلا رسول الله» تلك الحملة التي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم غيرة على رسول الإسلام، ودفاعا عنه من ناحية، وبعد أن تحولت إلى كرة ثلج تكبر كلما تدحرجت؛ لتثبت أن هذه الأمة لا تزال على قيد الحياة، ولم يكبر عليها أربع تكبيرات كما كانوا يظنون.. أمة تمرض لكنها لا تموت من ناحية أخرى.

لقد كشفت هذه الأزمة عن أمور مستترة، وعن حقد دفين كان متواريا، كنا نحسه لكننا لم نكن -للأسف- نعيره من الاهتمام ما يستحق، ولكن «رب ضرة نافعة» فقد لمت هذه الأزمة الأمة بعد شتات، ووحدتها على هدف بعد تفرق، ولفتت أنظارنا إلى دلالات كثيرة كنا نمر عليها مرور الكرام؛ فلتلك المقاطعة دلالات اجتماعية، وأبعاد اقتصادية ينبغي لنا أن نتوقف عندها بالدراسة والتحليل؛ فمن الدلالات الاجتماعية للمقاطعة التي أسميتها «فنا» إذ هي فن؛ لأنها نوع من الاحتجاج السلمي، يلجأ إليه المظلوم للفت النظر إلى ظلمه، وهي حق شرعي مكتسب، لا ينكره شرع، ولا يرفضه قانون وضعي بل هو حق تكفله دساتير العالم وقوانينه، وهي فن في اختيار توقيتها، وفي تفعيل أدواتها بالشكل المؤثر الفاعل، ولعل أهم الدلالات الاجتماعية المنبثقة من تلك المقاطعة يمكننا تلمسها في أنها أظهرت أن وجدان الشعوب الإسلامية والعربية وجدان واحد وإن باعدت بينهم المسافات؛ فالأمة الإسلامية جسد واحد كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه مسلم.

ومن تلك الدلالات الاجتماعية ما يظهر من أن الأمة لديها من الإرادة ما تستطيع به أن تدافع عن مقدساتها، وحرماتها إذا أتيح لها ذلك، إضافة إلى أن هذه الأزمة قد كشفت عن حب الأمة لنبيها ودفاعها عنه بكل ما تملك، وخاصة فئة الشباب الذين هم عماد أية أمة وعصب الحياة فيها مما يعزز امتلاكنا طاقة بشرية تستطيع أن تستعيد أمجاد هذه الأمة الغابرة؛ فقد رفض الجميع الإساءة لنبيهم؛ من كان منهم ملتزما بهديه صلى الله عليه وسلم أو من شغلته دنياه فأصبح بعيدا عن هدي نبيه؛ لقد انبرى الجميع للدفاع عنه، مما يستوجب الوقوف عند هذه الظاهرة كثيرا؛ إذ بها دلالة على أن الخير كامن في نفوس شباب الأمة على اختلاف مشاربهم، يحتاج فقط لمن يوجهه التوجيه الصحيح إذا صدقت النوايا، وتوحدت الإرادات.

أما عن الأبعاد الاقتصادية فقد كشفت هذه الأزمة عن امتلاك هذه الأمة مقدرات عالية، ولديها إمكانات كبيرة تجعل الآخر يحسب لها ألف حساب؛ فتحت وطأة توقف مصانعهم، وإفلاس شركاتهم بدأ التراجع بعد الصلف، والتبرير بعد الإصرار على تلك الرسوم المسيئة وإعادة نشرها، وسيعقب ذلك اعتذار وراء اعتذار، ولكنه ليس اعتذارا مغلفا بالاعتراف بالخطأ بقدر ما هو اعتذار مصلحة، وخوف من أن يؤثر الوضع الاقتصادي على الأوضاع الاجتماعية والحسابات السياسية.

ومن تلك الأبعاد التي يلتقي فيها الاجتماعي بالاقتصادي التأكيد على الجانب الإنتاجي، وخاصة المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر في عالمنا العربي؛ لأنها توفر فرص عمل تؤدي للاستقرار الاجتماعي، وتقضي على البطالة من ناحية اجتماعية، وتعد محورا اقتصاديا مزدوجا؛ فكل منتج وطني نكتفي به عن غيره المستورد؛ هذا من ناحية، ويوفر لنا تلك العملة الصعبة التي كانت ستخرج من السوق إلى بلد المنتج المستورد من ناحية أخرى، هذا، ناهيك عن توفير السيولة، وإعادة تدوير ذلك المال الذي يعمل على إنعاش الاقتصاد، وتهدئة الأسعار، وتقليل معدلات التضخم.

على أن ما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن ذلك التأثير الذي أحدثته تلك المقاطعة ليس كله إيجابيا؛ إذ على الرغم من أن المقاطعة أثبتت جدارة وفاعلية كبيرة، وقد سعدنا بذلك التأثير الذي نستطيع إحداثه فإن مما يحز في النفس أن ذلك التأثير القوى يحمل في طياته ضعفا مخيفا لمن يحاول أن ينظر للموضوع من زاوية أخرى أكثر عمقا؛ ذلك أن تأثير مقاطعة العرب والمسلمين على منتجات الغرب واقتصاده يقف دليلا على أننا أمة مستهلكة وأن تأثيرنا ينبع من استهلاكنا لا من إنتاجنا.. هذه زاوية.. والزاوية الأخرى هي أن الغرب يدرك أننا مجرد سوق استهلاكي لو تحول إلى منتج سيصيب اقتصادهم بالشلل؛ لذلك لن يعطونا فرصا كي ننتج؛ لأن إنتاجنا يعني باختصار توقف استيرادنا منهم؛ فلو أنتجنا لنافسنا منتجاتهم أو لاكتفينا ذاتيا على أقل تقدير؛ ومن ثم ستغلق أسواقنا في وجه تلك المنتجات المستوردة، وفي هذه الحالة ستكسد تلك المنتجات، فتكون الخسائر مزدوجة؛ خسائر من عدم تصديرهم منتجاتهم وبضائعهم إلينا، ومن ثم غياب مصادر دخل تقوم عليها بنية اقتصادهم.. ولو أنتجنا لامتلكنا قرارنا، ولأصبحت لنا إرادة حرة كما أرادها لنا ديننا.. ولأصبحنا في موقع الفعل لا رد الفعل، وليس هذا الأمر ببعيد لو استعدنا ثقتنا بأنفسنا، ووضعنا الأهداف العامة للأوطان فوق الأهداف الشخصية المحدودة، فهل ترانا نفعل؟!

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال