الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

376 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

sheeaat

د.عبدالوهاب القرش - دكتوراه في العلوم الإسلامية:

لقد أنزل الله تعالي ست عشرة آية من سورة النور برأ فيها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- مما أشاعه المنافقون عنها من إشاعات سيئة، وشهد سبحانه لها بالطهارة والنقاء، وعلم المؤمنين كيف يحاربون الإشاعات والأراجيف بالسلاح الذي يدحضها ويمحقها، ويخزي الناطقين بها، ويفضحهم على رؤوس الأشهاد. وفي السطور القادمة نعرض المنهج القرآني في مواجهة الشائعات.

يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور:11).

أوجه المنهج القرآني المتعلق بتناول الشائعة في الآية:

أولا: تحديد مصدر الشائعة، وهو أهم عنصر في فهم أبعاد الشائعة، ومن ثم التصدي لها والقضاء عليها، وإذا عرف الناس أن المروج الأول للشائعة شخص متهم في عقيدته وصدقه وسلوكه فهموا حقيقة الشائعة ووضعوها في السياق الصحيح لتتابع الأحداث، وقد يكون الناس في حاجة لإعادة تذكيرهم بسلوك وصفات مختلق الشائعة، وهو دور قادة الرأي والإعلام في كل مجتمع، ولذلك دائما ما يتخفى مختلقو الشائعات، ولا يحبون ذكر أسمائهم كسند للشائعة لأنهم غالبا متهمون في صدقهم، وفي ثقة المجتمع بهم، ونلاحظ أن الآية الكريمة حين تحدثت عن مصدر هذه الشائعة قسمتهم إلى قسمين:

القسم الأول: مختلق الشائعة: وهو الذي «تولى كبره» وهو عبدالله بن أبي ابن سلول وهو رأس النفاق في المدينة المنورة وله تاريخ أسود ومواقف شتى لا يستطيع أن يحبس فيها نفاقه، من هذه المواقف موقفه في الغزوة التي اختلق فيها شائعته المعروفة بالإفك وهي غزوة بني المصطلق، فقد ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ماء، ومع عمر ابن الخطاب أجير له من بني غفار، يقال له: جهجاه بن مسعود يقود فرسه، فازدحم جهجاه وسنان ابن وبر الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج على الماء، فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ جهجاه: يا معشر المهاجرين، فغضب عبدالله بن أبي ابن سلول، وعنده رهط من قومه فيهم: زيد بن أرقم، غلام حدث! فقال: أوقد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما عدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك! أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم. فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مر به عباد بن بشر فليقتله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه! لا ولكن أذن بالرحيل»، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها، فارتحل الناس، وهذا الموقف يبين ما يكنه هذا المنافق من نفاق وحسد وبغض للإسلام والمسلمين، وقد أراد أن يوجه طعنته في شخص القائد صلى الله عليه وسلم، باختلاق هذه الشائعة الحقيرة.

القسم الثاني: بعض المؤمنين الذين لاكت ألسنتهم الشائعة وتناقلوها عن رأس الأفعى: وهم عصبة كما ذكرت الآية، والعصبة ثلاثة رجال، قاله ابن عباس. وقيل من الثلاثة إلى العشرة، وأصلها في اللغة وكلام العرب الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعـض، وهم حسان بن ثابت رضي الله عنه، والسيدة حمنة أخت السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنهما، ومسطح بن أثاثة ابن بنت خالة أبي بكر رضي الله عنه، وهو مهاجر بدري مسكين كان يقسم له أبو بكر ما شاء الله من ماله، وامتنع الأغلبية من المسلمين عن التعرض للسيدة عائشة وصفوان ابن المعطل الذي قال عن نفسه: والله ما كشفت كنف أنثى قط، يريد بزنى. وقتل شهيدا رضي الله عنه في موقعة أرمينية سنة تسع عشرة في زمان عمر، وقيل: ببلاد الروم سنة ثمان وخمسين في زمان معاوية.

لفت نظر المؤمنين إلى أنه بالرغم من شناعة هذه الشائعة فإنها لا ينبغي أن تكون سببا في فقدان الثقة في رموز المجتمع، ولا في المنظومة الأخلاقية التي ينادي بها الإسلام، تدريب للمؤمنين على مواجهة المحن والخطوب، وأن المحنة تعقبها المنحة، وأنه لا يوجد أي شيء شرا بنسبة مئة بالمئة، بل إن البلاء النازل في الدنيا ألمه قليل، وخيره هو الثواب الكبير في الآخرة.

ثانيا: تقبيح صورة الشائعات في عيون المجتمع، وذلك من خلال تسميتها إفكا، وهو أشد أنواع الكذب، لأنه كذب في حق من يثق الجميع بعكس ما يروج عنها من شائعات، ومن خلال الوعيد بمن يقود زمام الشائعة المؤتفكة بالعذاب العظيم في الآخرة، كما لا تخلو الدنيا من عذاب، وهو إقامة حد القذف.

يقول تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} (النور:12).

وفيها من أوجه المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: وضع تصور فريد لتعامل المسلمين مع الشائعات إذا ظهرت في المـجتمع، وتغليب حسن الظن بالمسلمين، وهو جزء من إستراتيجية شاملة لمواجهة الشائعات، وسبحان من هذا كلامه، والعمل على إشاعة روح الحب والثقة وحسن الظن بين المسلمين، وأنه لا يؤمن أحدهم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ونلاحظ قول الله تعالى: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} قال القرطبي: أي بإخوانهم، وكأن إخوانهم هم أنفسهم، وبذلك يتحقق النسيج الواحد للمجتمع الإسلامي الذي شبهه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأجواء المفعمة بالحب والود والتراحم كمثل «الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

ثانيا: العتاب الرقيق من الله تعالى للمؤمنين إذا أخطأوا، وتلك طبيعة الإنسان، لا توجيه أقسى عبارات التعنيف واللوم، فالعبرة التعليم والتشريع، وليس اللوم والتثريب.

ثالثا: حث المسلمين على إعمال القياس، والتزود بحس نقدي عال في مواجهة الشائعات، وأن يقيسوا الأمر على أنفسهم، فإذا كان ذلك يبعد فيهم فهو أبعد في عائشة وصفوان، وهو ما هدى الله إليه أبا أيوب الأنصاري وزوجته على ما سبق ذكره.

رابعا: عدم الكف عن تقبيح الشائعات، وتكرار وصف هذه الشائعة بالإفك المبين، حتى ترسم الصورة السلبية التي تنطوي عليها في أذهان المؤمنين.

يقول تعالى: {لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (النور:13).

وفي هذه الآية الكريمة من أوجه المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: توجيه اللوم والتوبيخ إلى أهل الإفك الذين اختلقوا هذه الشائعة، وبما أن موضوع الشائعة يتعلق بالاتهام في العرض ففي الآية الكريمة إحالة إلى آية القذف التي سبقت هذه الآيات من سورة النور يقول تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} (النور:4-5)، فهي تذكير للمؤمنين بحد القذف الذي إنما شرع لحماية أعراض الناس، وحرمة حياتهم الشخصية، وصيانة حقوقهم وخصوصياتهم، وطهارة المجتمع ككل.

ثانيا: الطعن في مصداقية الشائعة موضوع البحث، إذ لو كان موضوع الشائعة صحيحا فما أدلة الإثبات، وإذا انتفت الأدلة والشهود انتفت صحة الشائعة، وهي من بدهيات الاستدلال، بل على العكس فإن كل الأدلة والشواهد تبرئ ساحة عائشة وصفوان رضي الله عنهما، من حيث كونها أم المؤمنين، وكونها زوجة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكونها ابنة الصديق، وكون صفوان كما قال عن نفسه: «والله ما كشفـت كنف أنثى قط»، وقد رزقه الله حسن الخاتمة باستشهاده في سبيل الله، كما أن القرائن تؤكد كذب الشائعة فلو كان شيء بينهما لما عادت السيدة عائشة بصحبة هذا الصحابي الجليل، كما يطعن في مصداقية هذه الشائعة التاريخ السيئ لمن تولى كبر شائعة الإفك وحقده على الإسلام ورسوله.

ثالثا: التأكيد على أن الشائعات التي تسري بلا دليل هي كذب وليس لها اسم آخر {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.

يقول تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النور:14).

في هذه الآية الكريمة من أوجه المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: التأكيد على بشاعة الشائعات عموما، وتلك التي تتعلق بالعرض خصوصا، فما بالك بعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أرسل ليتمم مكارم الأخلاق، وأن العقاب العادل إزاء ذلك هو العذاب العظيم، ولكن فضل الله ورحمته حالا دون وقوعه في الدنيا، وهو خاص بمن تولى كبر هذه الشائعة، إذ لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم على الأرجح الحد عليه، لأن الحدود جوابر لأصحابها، كفارة لما سبقها من ذنوب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه»، وحد النبي صلى الله عليه وسلم حسان وحمنة ومسطح على ما ذكره المفسرون وأصحاب السير.

ثانيا: الترهيب من الإفاضة في الحديث فيما لا يفيد، لأن من كثر كلامه كثر خطؤه، وأن من ضمن ما بين لحييه (اللسان) ورجليه (الفرج) ضمنت له الجنة، وأنه ما يكب الناس يوم القيامة في النار إلا حصائد ألسنتهم، وأن مفتاح النجاة أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك.

يقول تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}(النور:15).

في هذه الآية من أوجه المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: التحذير من أخطاء اللسان، وخطورة الحديث عن جهل بالحقائق أو بغير علم فهي آفة عظيمة، فهي توصل إلى النميمة والكذب والبهتان، وكلها من الكبائر، والذين يتحدثون بما ليس لهم به علم يضللون الناس بافتراءاتهم، ويضلون هم عن جادة الصواب.

ثانيا: تنبيه المسلمين على ألا يستهينوا بأمر الشائعات، وخاصة شائعة الإفك، فهي وإن صغرت في نظر البعض إلا أنها أمر عظيم عند الله عزوجل، وكل هذه التوجيهات هي استثمار إيجابي لشائعة الإفك من خلال توجيه المسلمين نحو الصواب، وتنبيههم على الأخطاء التي وقع البعض فيها، حتى لا تتكرر، واستنباط الدروس والعظات من المحن والخطوب.

يقول تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (النور:16-18).

وفي الآيات السابقة من مناحي المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: في الآيات من الخطة القرآنية المحكمة لمحاصرة الشائعات ووأدها دعوة المسلمين ألا يتكلموا بما يخالف المنطق والقياس، ويتعارض مع كل المقدمات التي تجزم باستحالة تصديق الشائعة، والاكتفاء بتسبيح الله تعالى عند سماع الأمور العجيبة التي لا يستسيغها العقل، وكانت هذه عادة النبي صلى الله عليه وسلم حينما يرى شيئا عظيما أو عجيبا، مثل قوله حينما رأى مناما: «سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن وماذا فتح من الخزائن»، وفي نفس الوقت عتاب لمن لم يقل ذلك في مواجهة الشائعة.

ثانيا: أن المسلم لا ينبغي أن يتكلم بكل ما يسمع، فليس كل ما يسمع يصدق، وليس كل ما يسمع يقال، يتضح ذلك من قوله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا}.

ثالثا: ضرورة أن يقوم المسلمون، وخاصة قادة الرأي بتوضيح خطورة الشائعات، وتوضيح آثارها السلبية على من لاكت سيرتهم الألسنة، وعلى المجتمع ككل، وخاصة في أوقات الأزمات والحروب، حتى لا تؤثر هذه الشائعات على معنويات الجماهير، أو تنزل الهزيمة النفسية بهم، ويوضحون للناس أن هذه الشائعات إنما هي بهتان وكذب.

رابعا: أن أقبح أنواع الشائعات هي تلك التي تنطوي على البهتان وهو أقبح من الكذب، فالكاذب قد لا يعلم أصل ما يقول، أما البهتان فهو الكذب المختلق المفترى الذي يعلم مختلقه أنه عكس الحقيقة، وخاصة التي تطول رموز الدين والمجتمع.

خامسا: ركزت الآيات القرآنية على الدروس المستفادة من هذه الواقعة بأكثر من التركيز على سرد تفاصيل الأحداث، ووعظ الله تعالى المؤمنين بألا يعودوا لمثله إن كانوا صادقين في إيمانهم، وإنما عرفت هذه التفاصيل من صحيح السنة النبوية الشريفة حتى يساق الأمر على عمومه فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فجاءت هذه الآيات وكأنها تشريع للمؤمنين في كل زمان ومكان للقضاء على خطر الشائعات التي تفت في عضد الأمة الإسلامية.

يقول تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} (النور: ١٩-٢٠).

في الآية السابقة من مناحي المنهج القرآني في مواجهة الشائعات ما يلي:

أولا: أن الله تعالى ذيل ذكر واقعة الإفك في كتابه الكريم بالتحذير الشديد من الشائعات الهدامة وخطرها على الفرد والمجتمع، والوعيد الشديد لمن يقوم بذلك بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.

ثانيا: أن نهي القرآن الكريم ليس عن إشاعة الفاحشة فحسب، بل إن حب إشاعتها نفسه مذموم، فالقرآن الكريم يخاطب خلجات النفس الإنسانية التي تحب التشفي في الآخرين، أو السرور عند سماع ما يسيء للغير، ويزجرهم عن ذلك، وسبحان من هذا كلامه.

ثالثا: أن الإسلام لا يرضى من أتباعه أن يتسموا بالسلبية في مواجهة الشائعات الكاذبة، حتى لا يتطاير شررها، بل يجب على المسلم أن يبغض الشائعات الكاذبة، بل ويعظ ناقليها ومردديها ويبين خطورة تداولها على الفرد ذاته من قدح في تدينه، وارتكاب للمعاصي والذنوب، ومن ثم استحقاق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، روي من حديث أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما رجل شد عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في سخط الله حتى ينزع عنها، وأيما رجل قال بشفاعته دون حد من حدود الله أن يقام فقد عاند الله حقا وأقدم على سخطه وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة، وأيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يرى أن يشينه بها في الدنيا كان حقا على الله تعالى أن يرميه بها في النار» -ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} الآية.

لقد بينت آيات الإفك أن منهج القرآن الكريم في مواجهة الشائعات يرتكز على أربع قواعد تعد عمود ثبات لكل مسلم ومسلمة في تعامله مع أي إشاعة إلى قيام الساعة؛ القاعدة الأولى: هي أن حسن الظن أولا، القاعدة الثانية: هي التثبت والتمحيص، فالأصل في المسلم دوما أن يطلب الدليل والبرهان على أي إشاعة يسمعها، القاعدة الثالثة: إمساك اللسان، ثم التفكير في الأمر، القاعدة الرابعة: هي أن يرد الأمر لأهله إن كان خاصا، وإلى أولي الأمر إن كان عاما.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال