الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

337 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

farhat eed

حسين شعبان وهدان - إمام وخطيب:

تختلف البيئات المستقبلة لبشائر الأعياد الزائرة في موعدها المعلوم بما يشبه المفاجأة السعيدة التي يعرفها الواثق بوقوعها في زمانها قبل حدوثها. ويطرق طارق السعادة أبواب القلوب حينما تحل بديار المسلمين، ويتسلل إليها الفرح الغامر ليأسو جراحها ويلم شعثها ويجمع أمرها ويطرد أحزانها ويداوي عللها ويصلح ما أفسدته أحداث الحياة قبل إشراقة العيد السعيد.

والمسلمون من بين شعوب الدنيا على هذا الموعد في البشرى مرتين؛ مرة في ختام صيامهم والأخرى في ختام نسك الحج، كأن الله تعالى يكافئهم بعد موسمي العبادة، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: «كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى» (رواه النسائي).

وقال الله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} (الحج:67)، وقد ذكر الإمام الطبري في التفسير من بين الروايات قصد العيد بالنسك: «فعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ} يقول: عيدا»(1).

وهذا التحديد يسمو على غيره من تشريعات الأعياد للأمم الأخرى باختصاص القدسية أنه من عند الله تعالى لا من تشريعات البشر، على حد قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «قد أبدلكم الله».

وطارق السعادة في العيد يقف على أبواب القلوب يروم أن يغمرها بأسمى معانيها قبل أن يسكن في ربوع الديار والحواضر والقرى بتجلياته الشكلية، فما أسهل اصطناع مظاهر السعادة والفرح مع التنظف والتطيب ولبس الجديد، كأنك ترى الحدائق الغناء مع مطالعة وفود الغادين إلى صلاة العيد. وقد تعود طارق الأفراح على أمثال هذه المشاهد في أعيادنا بينما ينتظر باشتياق أن يسكن القلوب والأرواح لتتذوق طعم السعادة الحقيقية حتى يتساوق المظهر مع الجوهر.

ومنحة السعادة فيض عطاء من رب الأرض والسماوات، وما حالنا إلا كحال الآمل في كرم المولى بملء الروح أفراحا بمقدم العيد السعيد، بعدما طغت على كثير من الوجوه مراسم الحزن على ما فات أو الخوف والإشفاق مما هو آت، كما صور ذلك يراع الشاعر المهجري إيليا أبي ماضي حين قال:

أقبل العيد ولكن ليس في الناس المسره

لا أرى إلا وجوها كالحات مكفهره

وخدودا باهتات قد كساها الهم صفره

وشفاها تحذر الضحك كأن الضحك جمره

ليس للقوم حديث غير شكوى مستمره

قد تساوى عندهم لليأس نفع ومضره

إنه العيد وإن العيد مثل العرس مره

إنها حالة سلبية تعتور الكثير من النفوس وأصحابها في ظلال مظاهر الأعياد المعتادة بينما أرواحهم محرومة من الشعور الحقيقي بالسعادة.

وعلى الدوام، ومنذ أزمان قد مضت، والعيد مظنة التجديد، فإذا كان المتنبي قد فاجأ العيد عند مقدمه بهذا السؤال:

عيد: بأية حال عدت يا عيد ** بما مضى أم بأمر فيك تجديد

فلعل الجديد المرجو هو استيقاظ الفرح بعدما طال رقاده في قلوب ألفت الأحزان، وأرواح قد غشاها من الهموم ما عكر منها صفو الحياة، ونرجو كذلك أن تظهر علاماته في بشاشة الوجوه وحرارات اللقاء، وليكون حداء البشير مدويا مبهجا كنسمات الربيع الصافية ورونق الورود.

كما نادى القرني على العيد قائلا وقد حداه الرجاء:

عيد: بخير حال عدت يا عيد

فنحن في مسمع الدنيا أناشيد

على شفاه فم العلياء بسمتنا

ومن غمام سمانا يورق العود

وكيف نأسى وفي أرواحنا ألق

من رحمة الله منها تعشب البيد

ونحن قصة حب صاغها مثلا

رسول الله وتلاه السادة الصيد

بلال أطلقها، سلمان صدقها

عمار عانقها، والبيض والسود

فاخلع رداء المآسي وابتهج فرحا

في موكب الله تقديس وتحميد

أما ترى الزهر حيانا بطلعته

يفتر عن بسمة في حسنها العيد

فودع الهم فالدنيا مولية

وبشر النفس فالبشرى مواعيد

فما أجمل أن نعود إلى روح أبينا آدم، عليه السلام، قبل أن يقطف من الشجرة التي زينها الشيطان أنها شجرة الخلد، ونطرح ذلك الإنسان الذي صنعته الحضارة المعاصرة والمألوف الدنيوي فلم يعد يحفل باجتراح الذنب أو مقارفة العيب.

وما أسعد القلوب الطاهرة التي تمرح في دوحات الحب وتحتوي أنقى المشاعر وأزكاها وأخفها وأنفعها، تلك التي على يقين من أن الحب لغة الكون وقد جاء العيد يذكرنا بها، فتتلاقى الوجوه بعبير الابتسامة وطلاقة المحيا، مهما كانت الأحوال قائمة بين المتلاقين قبل يوم العيد، وذلك معروف يسديه الإنسان إلى نفسه قبل أن يجود به على أخيه، فلو تقابلنا وأطلقنا سراح الحب فيما بيننا لنال كل طرف حظه من المثوبة العظيمة كأنه تصدق على نفسه بانشراح الصدر وإحراز الثواب، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة» (سنن الترمذي)، فالبسمة في الأعياد سفير حثيث من سفراء المودة والحب بين أخلاط المجتمع.

والوصل بين أهل الأرحام من بشائر السعادة في أعيادنا، ومن كانت القطيعة حظه فلا شك أنه يتلوى على جمر الغضى أو يتقلب على حسك السعدان، وكيف يهنأ بعيش مبهج أو منام مريح من ترك الوصل وارتمى في حضن القطيعة؟! إنه قد حكم على نفسه بالحرمان من السعادة على الدوام في الأعياد وما سواها، ففي الحديث الشريف: «إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة؟ قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فهو لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاقرأوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (محمد:22)» (صحيح البخاري).

ومن أجمل صور السعادة في الأعياد أن يتقاسمها أفراد المجتمع مع الفقراء والمساكين والزمنى والمرضى واليتامى؛ بأن يطردوا عنهم الجوع، وأن يستروا أبدانهم من عري، وأن يذهبوا أحزانهم ويكونوا لهم عونا ودعما ماديا ومعنويا، إضافة إلى المشاركة الوجدانية، ولو جاهد الإنسان لاستحواذ السعادة وحده وترك الناس فما استطاع إليها سبيلا، وحتما سيسقط في أتون الهم بعد الوقوع في آفة الأنانية، أما إذا حاول إسعاد الخلق فله مع كل نفس أسعدها نصيب من سعادتها.

والهاربون من السعادة في الأعياد يجترحون الذنوب باعتياد يملك عليهم إسارهم منذ سنين في عادات درجوا عليها وعاشوا لها كأنها من سنن العيد، وهي حظ الشياطين واستراق للسعادة الحقيقية، لأن الخسارة في الأعياد هي أن نعصي الله تعالى، وأنعمه العظمى وآلاؤه الحسنى تغمرنا وتملأ علينا أقطار الحياة.

«وأعياد الناس تنقضي فأما أعياد العارفين فدائمة، قال الحسن: كل يوم لا تعصي الله فيه فهو لك عيد، وأوقات العارفين كلها فرح وسرور بمناجاة مولاهم وذكره فهي أعياد:

عيدي مقيم وعيد الناس منصرف * والقلب مني عن اللذات منحرف(2)

فما أكرم الشعور بحلاوة الطاعة على الدوام، فهذا عيدنا المقيم الذي لا يفارق ما دمنا على رضا الله تعالى.

الهوامش

1- الإمام محمد بن جرير الطبري، «جامع البيان في تأويل القرآن»، ص:679، ج8، تحقيق: أحمد محمد شاكر، ط1، 2000م، مؤسسة الرسالة، بيروت.

2- ابن رجب الحنبلي، «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف»، ص:394، تحقيق: عبدالله عامر، ط1، 2005م، دار الحديث، القاهرة (بتصرف يسير).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال