الجمعة، 19 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

111 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

Uneded tl

محمود خليفة - باحث دراسات إسلامية - مصر:  

حثت الشريعة الإسلامية على التنمية المتكاملة بمختلف أنواعها، وعملت على حماية المخلوقات التي تعيش على الأرض، بل أوصت بالإحسان إليها. كذلك أوصت الشريعة الإسلامية الغراء بالاستفادة مما في الأرض من موارد ومقدرات وفق ضوابط خاصة من غير إفراط ولا تفريط..

ولم يقتصر دور الشريعة الإسلامية في هذا المجال على إثابة المحسنين للبيئة ومعاقبة المسيئين لها، بل تعدى ذلك إلى جعل أخلاقيات التعامل مع البيئة سلوكا حميدا يجب أن يلتزم به المسلم ويراقب في أدائه ربه.

إن المشكلات البيئية الكبرى التي تعاني البشرية منها حاليا تعود إلى الإنسان نفسه، فلقد أدى غياب الوازع الديني وعدم وضوح أسس العلاقة بين الإنسان والبيئة إلى تفاقم هذه الأزمة واستفحال أمرها، قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم:41).

وفي ضوء ما سبق يمكن أن نقول بكل ثقة إننا في حاجة إلى التعامل مع البيئة من منظور إسلامي حتى تتسنى لنا معالجة قضايا التلوث الحالية التي تهدد بيئتنا.

مفهوم البيئة في الإسلام

إن نظرة الإسلام إلى البيئة نظرة واسعة وشاملة لا تتوقف عند النواحي الجمالية أو الاقتصادية لها، بل تتعدى ذلك إلى آفاق أوسع تمتد زمانيا ومكانيا وعقديا أيضا، وهي نظرة تمزج الجوانب المادية للبيئة بالجوانب الروحية التي تربط الإنسان بالخالق وتجعل من حماية البيئة وسيلة من وسائل العمل الصالح الذي يتقرب به العبد إلى مولاه، كما تجعل من الإسراف في استنزاف الموارد الطبيعية لونا ممن ألوان البغي والعدوان والفساد في الأرض(1).

وقد حاول بعض الباحثين وضع تعريف إسلامي علمي للبيئة، حيث عرفها الدكتور زين الدين بن عبدالمقصود بأنها «كل ما يحيط بالإنسان من ظواهر أو مكونات طبيعية، حية وغير حية، من خلق الله سبحانه وتعالى، ممثلة في مكونات سطح الأرض من جبال وهضاب وسهول ووديان وصخور وتربة، وعناصر المناخ المختلفة من حرارة وضغط ورياح وتساقط الأمطار والندى، وأحياء برية، نباتية كانت أو حيوانية، تعيش على اليابسة أو المسطحات المائية»(2).

ويتضح من هذا التعريف أن البيئة، بشكل عام، تشمل كلا من السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما، بمن في ذلك الإنسان، الذي يعد من بين سائر المخلوقات التي تعج بها البيئة، بل هو من أهم عناصرها ولذلك كرمه الله عزوجل وجعل باقي عناصر البيئة منحة مبذولة له، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} (الإسراء:70).

حماية الإنسان

الإنسان في نظر الشريعة الإسلامية الغراء هو محور البيئة، بل البيئة نفسها مسخرة لخدمته. نعم، إنها النعمة المهداة من الله سبحانه وتعالى لبني الإنسان، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} (لقمان:20)(3).

ولقد حرصت الشريعة الإسلامية على حماية الإنسان وتوفير الأمن له، ويتجلى ذلك الدور من خلال التشريع الإسلامي الحكيم. ونعرض بعض الصور منه في السطور الآتية:

1- نص على أن المسلم لا يتعمد قتل أخيه المسلم ظلما وعدوانا، وأن من يقترف مثل هذه الجريمة يعد في نظر الإسلام من أكبر المنتهكين لحرمات الله والخارجين على حدوده، إذ يقول المولى عزوجل: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء:93).

2- نهى الشارع الحكيم عن قتل الإنسان لنفسه، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (النساء:29)، كما حرم أيضا وأد الأنثى {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} (التكوير:8-9).

3- حثت الشريعة الإسلامية على إطعام الجائع والإحسان إلى الفقراء والمساكين، بل إن الرسول الكريم حدد ملامح البيئة التي يتكافل فيها أفراد المجتمع فلا يـــكون بينهم جائع أو عار، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيما مسلم كسا مسلما ثوباعلى عري كساه الله من خضر الجنة، وأيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، وأيما مسلم سقى مسلما على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم»(4).

وسائل المحافظة على البيئة

إذا عدنا إلى تاريخنا الإسلامي فسوف نجد أن الإسلام قد سبق النظم الأوروبية في استنباط التشريعات البيئية والعمل بمقتضاها ومحاسبة من يخرج عنها، ولو تصفحنا مصادر الفقه الإسلامي لوجدنا نصوصا كثيرة تتعلق بحماية البيئة من التلوث وتحقيق الأمن البيئي بمختلف صوره وأشكاله، ومن ذلك ما يلي:

1- نهى الشارع الحكيم عن إتيان أي سلوك سلبي أو إيجابي يترتب عليه الإضرار بالبيئة، كقيام شخص بإغراق سفينة محملة بالنفايات الخطرة أو بمواد سامة في عرض البحر، إذ يدخل ذلك في عموم النهي الوارد في قوله تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} (الأعراف:56).

بل إن ذلك النهي الوارد في الآية يسمح لولي الأمر بأن ينظم الأحكام الخاصة بالجرائم التعزيرية لحماية البيئة من الفساد بشتى صوره وأنواعه.

2- نهت الشريعة الإسلامية عن جرائم الخطر المجرد، مثل استنزاف الموارد الطبيعية بالإفراط الجائر في صيد نوع معين من الأحياء الحيوانية مما يجعلها على شفا الانقراض، قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:31).

3- أوصت الشريعة الإسلامية بالزراعة والغراسة والاستزراع والاستصلاح حتى ولو في آخر لحظات العمر، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»(5).

ولا يخفى على عاقل الدور الكبير الذي تقوم به الرقعة الزراعية في الحفاظ على البيئة وحمايتها من مخاطر التلوث.

من هنا نجد أن الشريعة الإسلامية سبقت القوانين الوضعية الخاصة بحماية البيئة من خلال ما تضمنته من أحكام تتعلق بتحقيق الأمن البيئي والحفاظ على عناصر البيئة ومكوناتها.

وأخيرا إن ما في البيئة من ثروات ومتاع محدود، معرض للنفاد بعد أمد لا يعلمه إلا الله، ولا يتنافى ذلك مع ما تقرره آيات القران الكريم بأن الله خلق الأرض وقدر فيها أقواتها وتكفل برزق كل من يحيا فيها. ولما كانت ثروات البيئة معرضة للنفاد، فإن الإنسان مطالب بألا يسرف في استنزاف هذه الثروات، قال تعالى: {وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ} (الشعراء:151-152).

الهوامش

1- المحافظة على البيئة من منظور إسلامي، محمد عبدالقادر الفقي، ص:31.

2- البيئة والإنسان: رؤية إسلامية، د. زين الدين عبدالمقصود، ص:13.

3- المحافظة على البيئة من منظور إسلامي، محمد عبدالقادر الفقي، ص:37-38.

4- رواه أبو داود (1682).

5- الألباني: (371).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال