الخميس، 18 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

37 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

636775407032744070

إحسان عبدالعزيز الدبش - باحث دراسات إسلامية - سوريا: 

سؤال يتبادر إلى ذهن كل إنسان على وجه الأرض وهو: لماذا خلقنا الله عز وجل؟

لم يترك رب العالمين سبحانه وتعالى الإنسان في حيرة من أمره، في أمر جوهري يتعلق بوجوده على الأرض.

من أهم الأسئلة التي تخطر على بال أي إنسان؛ «من أين أتى جدنا الأول وجدتنا الأولى؟»، و«ما مهمتنا في هذه الحياة ؟»، و«إلى أين سيكون مصيرنا؟» لقد تناول الإجابة عن هذه الأسئلة فلاسفة، ومفكرون، قديما، وحديثا، لكنهم لم يتفقوا على جواب شافٍ، يُشعر الإنسان بالاقتناع والراحة النفسية، ولن نتطرق لأقوالهم، فهذا أمر يطول بحثه.

لكن الله عزوجل برسالته إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، منذ أن نزل آدم إلى الأرض حتى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد أجاب عن هذه الأسئلة بكل صراحة ووضوح، إن هذه الأجوبة إعلام رباني واضح، إلا أن معرفتها وتذكرها بشكل مستمر يفيدان الإنسان المؤمن في تجديد علاقته مع ربه جل جلاله، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع الناس، وتبين له مهمته على هذه الأرض، وعن الهدف من خلق الإنسان، يبين لنا الله عزوجل في القرآن الكريم ثلاثة أهداف:

الأول: عبادة الله جل جلاله.

الثاني: الابتلاء.

الثالث: عمارة الأرض.

قد يوسوس الشيطان في النفس الأمارة بالسوء من جدوى هذه الأمور الثلاثة، ولكن عندما يتبين أهمية هذه الأمور الثلاثة فلا مجال للشك حولها.

الأمر الأول: عبادة الله وحده لا شريك له

قال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، عندما يعترف الإنسان بأن له خالقًا، وأن الخالق هو الله وحده لا شريك له، فهو إذن عبد لخالقه وليس لغيره، فعليه إذن أن يتلقى التعليمات في تفسير وجوده، وفي تنظيم شؤون حياته من هذا الإله الذي خلقه. قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14)، فالله عزوجل أعلم بعباده منهم، ومن غيرهم من مخلوقاته التي يتبعونها والتي قد يعبدونها.

كون الإنسان تبع لربه الذي خلقه، ثم يميته، وهو الذي يرزقه، وهو الذي يمن عليه بنعمه كلها، كما قال إبراهيم عليه السلام عن ربه جل جلاله، والذي كان يُعمل تفكيره في آيات ربه، قال: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (الشعراء:78-83).

وإذا نظرنا في بقية مخلوقات الله عزوجل في هذا الوجود من أكبر نجم في السماء إلى أصغر كائن حي على الأرض؛ فإن الهدي الرباني يقول لنا إن كل مخلوقات الله تسبح بحمده؛ لقوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (الإسراء:44) والتسبيح بحد ذاته عبادة؛ لأنه تنزيه لله عزوجل عما لا يليق به.

فعندما يعتقد المؤمن أن الله خلقه؛ فهو تبع له وحده في وجوده وليس لغيره، فعليه أن يطيعه ويتبع أوامره؛ لأن معنى العبادة: الخضوع والانقياد، وأصل كلمة «عبد»: أطاع، و»الإله»: هو المعبود، فلو أطاع الإنسان نفسه الأمّارة بالسوء، أي: هواه؛ فقد عبد هواه، قال تعالى: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا} (الفرقان:43)، فالعلاقة مع الله لكل مخلوقاته أنهم عباد له، فكلهم عليهم أن يعبدوه.

ويظن بعض الناس أن العبادة فقط هي الشعائر التعبدية وحسب، وأهمها دعاء الله وحده لا شريك له، ثم بقية العبادات من صلاة، وصوم، وحج، لكن مفهوم العبادة أشمل من ذلك بكثير، فهو يتضمن تنفيذ كل ما شرعه الله عزوجل لتنظيم حياة الإنسان في جميع المجالات المتعلقة بسلامة الفرد، والأسرة، والمجتمع، والتي يطلق عليها اسم «الشرائع» وما يجب على الإنسان أن يتحلى به من صفات تربوية، وأخلاقية في سلوكه مع ما يحيط به.

كما يقتضي مفهوم العبادة طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتباع سنته، لقوله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (آل عمران:132).

فالعبادة تشمل اتباع كل ما أمر به الله، وترك كل ما نهى عنه.

الأمر الثاني: أن الله عزوجل خلقنا ليبتلينا

ويقـــال للابتلاء أيضــــا: الـــفتنة، أو الاختبار.

ففي سور عديدة في القرآن الكريم يذكر ربنا تبارك وتعالى أنه خلق الإنسان -بالإضافة لعبادته- ليبتليه، وهذا الهدف كثيرا ما تغيّب عن أذهان الناس. فمن ذلك قوله تعالى:

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (الملك:2)، وقوله تعالى:

{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}(الإنسان:2)، وقوله تعالى:

{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (العنكبوت:2)، وغيرها من الآيات والأحاديث النبوية الواردة عن الابتلاء، أو الفتنة، منها قوله صلى الله عليه وسلم:

«عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر؛ فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر؛ فكان خيرا له» (رواه مسلم).

للوهلة الأولى قد يستغرب الإنسان ذلك، لكن من يتمعن في واقع الحياة الإنسانية يجد أن هذا هو الحق؛ لأن الابتلاء واقع لكل الناس لا محالة، والمؤمن الذي يستوعب ما أمره الله تعالى ويطبقه هو الفائز.

فإن الناس يصيبهم من عدم السرور والضيق والأذى، بطبيعة مجريات الحياة، أو بسبب ذنوبهم، وأنواع الابتلاء كثيرة إما بسبب مرض أو فقد عزيز، أو خسارة مالية، أو رسوب في امتحان، أو الهجرة من بلده، أو جروح يصاب بها في حرب مع عدو، أو تعرضه لأذى لفظي أو جسمي، هذا النوع من الابتلاء هو من نوع «ابتلاء الشر».

كما أن نوعًا آخر من الابتلاء يصيبه وهو «ابتلاء الخير» بما ينعم الله على الإنسان من نعم لا تُعدُّ ولا تُحصى؛ من الصحة، ووفرة الرزق، وسلامة الأهل، والنجاح، والأمن في بلده، وغيرها من النعم التي قال عنها ربنا تبارك وتعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النحل:18) وقال تعالى مبيّنا أن الخير ابتلاء أيضا:

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الأنبياء:35)، وقال مخبرا عن نبيّه:

{هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (النمل:40)، وردت في قول سليمان عليه السلام لمّا أنعم الله عليه بحضور عرش بلقيس بين يديه في أقل من طرفة عين.

فالابتلاء ليس فقط فيما هو شر، بل بما هو خير أيضا.

هذا البيان الرباني عن الابتلاء يعرّفنا فيه عن مجريات الحياة التي يمر بها كل فرد من بني آدم، وأنه سيتعرض لأمور من الخير، ولأمور من الشر، وهذا فيه تهيئة نفسية للإنسان لمجابهة مصاعب الحياة بشكل معتدل وسليم، فلا هو يصيبه الغرور بابتلاء النعم، فيزعم أن النعم من نفسه، وينسى المنعم الحقيقي، وليحسن التعامل مع هذه النعم بمختلف أنواعها، ولا يصيبه القنوط واليأس بابتلاء الشر، فيفسق أو يكفر. فإن ابتلي بالنعم شكر، وإن ابتلي بالشر صبر، كما يحافظ على صحته النفسية بشكل جيد فلا يصيبه القنوط واليأس.

كما أنه في تعامل الإنسان مع الابتلاء بشكل صحيح يحقق العبودية الحقة لله عزوجل، هذا التعامل السوي يحقق له الفائدة في الدنيا والآخرة. فلا يضجر وينهار في ابتلاء الشر، ولا يصيبه العجب والغرور والبطر في ابتلاء الخير، فتُحسب عليه سيئات. بينما إن صبر وشكر يعيش مرتاح النفس والضمير، وتُكتب له الحسنات.

الأمر الثالث: إعمار الأرض

من مقتضيات وجود الإنسان على الأرض لتأمين حاجياته أن سخر الله عزوجل له ما في السماوات وما في الأرض، قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثية:13)

ومن نتائج التسخير؛ الإعمار، قال سبحانه وتعالى ذاكرًا نعمه على قوم ثمود عندما خاطبهم نبيهم صالح عليه السلام: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (هود:61).

ورد في تفسير قوله: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} «أي جعلكم عمارا تعمرونها وتستغلونها» (ابن كثير: 4/331)، وينقل الألوسي عن زيد بن أسلم قوله: «المعنى أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه من بناء مساكن وحفر آبار وغرس أشجار وغير ذلك». وأغلب التفاسير تدور حول هذا المعنى، ويؤكد ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسيلة فليغرسها» (رواه أحمد)، والفسيلة: هي النخلة الصغيرة.

وعن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: «سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غدا، فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها، فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي».

(السلسة الصحيحة للألباني)

فالإسلام دين التوازن في كل شيء، فمنهجه ليس ماديا، بحيث يكون كل هم الإنسان متاع الحياة الدنيا فقط، ولا إهمال الدنيا كما فعل من ادعى الزهد، كالرهبانية فأهمل الدنيا وإعمارها. لذا قال سبحانه وتعالى مثبتا مبدأ التوازن هذا: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال