الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

289 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

kobaraa 

القاهرة – محمد عبدالعزيز يونس:

على الرغم من لباسه التقليدي الذي يعرف به شيوخ الشام، إلا أن تلاوات عديدة استمعت إليها بصوته كلها تشير إلى تشبعه بأداء قراء مصر التي قصدها مرارًا لينهل من علوم شيوخها، فدرس في الأزهر الشريف علوم القرآن الكريم وقراءاته، ولم يكن غريبًا والأمر كذلك أن ينافس أداؤه المصريين في عقر دارهم.. إنه الشيخ محمد صلاح الدين كبارة.

في مدينة طرابلس بلبنان، ولد الشيخ محمد صلاح الدين كبارة العام 1921م، لعائلة تعتبر من أكبر العائلات اللبنانية التي قدمت من المغرب العربي إلى طرابلس الشام منذ أمد بعيد، وكانت تسمى بـ"آلـ الكبير" ومع مرور الزمن أصبح اسمها في طرابلس "آلـ كبارة"، فكان مولد الشيخ في كنف أسرة عريقة في التدين والتقوى والصلاح، حيث كان والده الشيخ محمد علي يوسف كبارة من كبار المنشدين، لذلك غلب على أكثر أولاده الصوت الجميل والتفرد بأداء التواشيح والابتهالات الدينية، وهكذا ترعرع الشيخ في جو روحاني مع والده وإخوته وسط مدرسة كانت مرجعاً للأناشيد الدينية.

قراءات متواترة

تلقى شيخنا علومه الأولية في طرابلس، حيث حصل على الشهادة الابتدائية العام 1934م من دار التربية والتعليم الإسلامية، تابع بعدها دراسته في القسم الشرعي في الدار نفسها، ليحصل على الشهادة الشرعية في العام 1938م، عكف بعدها على حفظ القرآن الكريم على يد أحد أعلام القراء في طرابلس فضيلة الشيخ محمد نصوح البارودي رحمه الله، وذلك بتوجيه ودعم مفتي طرابلس الشيخ محمد نديم الجسر تغمده الله برحمته، حتى أتم "كبارة" حفظ القرآن في العام 1941م وعمره حينذاك 20 عاما.

لم يكتف الشيخ بما تحصل عليه من العلم ولا بحفظ كتاب ربه فقط، إنما أراد الاستزادة، وأن يواصل تلقي العلوم الشرعية، فسافر إلى مصر قاصداً الأزهر حيث تلقى القراءات المتواترة وأتم القراءات السبع عن طريق الشاطبية على يد الشيخ عامر السيد عثمان رحمه الله، وكان ذلك في العام 1945م، كما تتلمذ على يد الشيخ على محمود حتى رحيله إلى جوار ربه في الحادي والعشرين من ديسمبر العام 1946م، وتكرر تردده على مصر مرات عديدة أتم فيها القراءات العشر عن طريق الشاطبية والدرة، وكذلك على يد الشيخ الراحل عامر السيد عثمان، ونال عن ذلك إجازات رسمية من الأزهر الشريف.

قارئ عابدين

منَّ الله على الشيخ بصوت رخيم، فكان مدرسة بحد ذاته في أصول التلاوة والتجويد، وعرف عنه دماثة الأخلاق، وطيب المعشر، وسلاسة الكلام، والسعي بين الناس بشتى أنواع الخير.. ونظرا لدأبه الشديد، وحرصه على تلقي العلوم الشرعية والإجادة فيها عين في مطلع شبابه من قبل وزارة الأوقاف المصرية قارئاً في مسجد الفتح بسراي قصر عابدين عاماً كاملاً، وكان في ذلك تنافس مع أهم قراء مصر المشهورين آنذاك مثل مصطفى إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد، وكامل البهتيمي، وكان كثيرون حيث يسمعون تلاوته يحسبونه مصريا صميما لولا لباسه المميز لشيوخ الشام.

وكان من الممكن أن يمتزج بالمصريين تماما لولا أنه فضل أن ينفع أهل بلده بما تلقى من العلوم، فعاد إلى لبنان ليعين في العام 1949م مدرساً للقرآن الكريم والقراءات من قبل مديرية الأوقاف الإسلامية في لبنان، فقام بتدريس هذه المادة في القسم الشرعي بدار التربية والتعليم الإسلامية منذ العام 1951 وحتى العام 1988م، وفي الوقت نفسه عين في العام 1951م مدرساً بدار الإفتاء بطرابلس وقارئاً في المسجد العمري الكبير في بيروت وقارئا في الإذاعة اللبنانية.

شيخ القراء

وتقديراً لتلاوته المتميزة في القراءات العشر ونبوغه فيها بالإضافة إلى ما يتمتع به من صوت رخيم وعناية فائقة في فن التجويد أصدر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد رحمه الله قرارا بتعيينه شيخا لقراء طرابلس بداية من العام 1974م، بدأ بعدها في الفترة من العام 1982م وحتى العام 1995م، بتدريس مادة القرآن الكريم وتجويده في معهد طرابلس الجامعي للدراسات الإسلامية، كما شارك في الهيئة التأسيسية للمعهد، كما اختاره مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني في العام 1992م نائباً لرئيس مجلس إدارة الأوقاف الإسلامية في طرابلس، بالإضافة إلى رئاسة لجنة التحكيم في كل المسابقات التي تجريها الهيئات والمؤسسات الإسلامية في لبنان.

ولم تقتصر نشاطات الشيخ كبارة على الداخل اللبناني فحسب، بل كان ذو نشاطات خارجية متعددة، ففي العام 1947م تعاقد مع الإذاعة الفلسطينية بالقدس الشريف لتلاوة القرآن الكريم في الإذاعة، وفي حرم المسجد الأقصى المبارك، وهناك قضى أكثر من عام عاد بعده إلى موطنه طرابلس، كما تعاقدت معه الإذاعة الأردنية في العام 1964م لتلاوة القرآن الكريم في المسجد الأقصى طيلة شهر رمضان المبارك.

مصحف مرتل

وتواصلت نشاطات الشيخ بلا توقف رغم إصابته بالمرض، ففي عامي 1967- 1968م مثل لبنان في المؤتمر الثاني والثالث لإتحاد قراء العالم الإسلامي في باكستان، كما لبى دعوتين في عامي 1972م و1979 من وزارة الأوقاف الكويتية لتلاوة القرآن الكريم في المساجد طيلة شهر رمضان المبارك، كما تعاقدت معه الإذاعة السعودية في الرياض بين عامي 1974- 1975م ليكون مراقبا للقراءات في البرنامج العام، كما اشترك في العام 1982م في عضوية لجنة التحكيم الدولية في مسابقة القرآن الكريم في ليبيا، وقد منَّ الله عليه بتسجيل المصحف المرتل في إذاعة القرآن الكريم فيها، وما بين عامي 1984 و1993م عين أربع مرات عضواً في لجنة التحكيم الدولية لحفظ كتاب الله وتجويده وتفسيره بمكة المكرمة التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، كما اختير في العام 1999م كأحد أعضاء اللجنة المذكورة إلا أن المرض حال بينه وبين ذلك، أيضا دعته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية في عامي 1993- 1997م لحضور الدروس الحسنية وتلاوة القرآن فيها، فلم يدخر جهدا في كل هذه المناسبات أن يصدع بكتاب ربه مرتلا ومجودا، بمختلف القراءات التي أحسن تعلمها وإتقانها.

مدرسة للابتهالات

إلى جانب ذلك، لم ينس الشيخ التواشيح الدينية التي تميزت فيها أسرته، فلم يترك مناسبة دينية إلا وارتفع صوته بأروع الابتهالات والتواشيح التي كانت تجد صدى واسعا لدى محبيه، ومن هذه الابتهالات "قف بالخضوع"، "يا من إذا قلت يا مولاي لباني"، "أغيب وذو اللطائف لا يغيب"، "يا رب هيئ لنا من أمرنا رشدا"، "ذكرت حجيج البيت"، "طرقت باب الرجاء"، "يا من له في البرايا"، فكان في كل هذه الابتهالات كما كان في تلاوته للقرآن، مخلصا، متقنا، بسيطا.

كان الشيخ صلاح الدين كبارة قارئاً وعاملاً بالقرآن الكريم إلى آخر نفس يتردد في صدره، إلى أن أكرمه الله وتوفاه في العشر الأخير من رمضان، حيث توفي رحمه الله في يوم الجمعة 23 رمضان 1420 الموافق 31 ديسمبر من العام 1999م، تاركا خلفه ستة من الأبناء الذكور هم: موفق، عامر، مصطفى، بلال، هلال، خلدون.. فضلا عن خلق بلا حصر من المحبين والتلاميذ الأوفياء.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال