السبت، 20 أبريل 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

118 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

hgvhtud 44

محمد ثابت توفيق - قاص وكاتب وناقد مصري:

قليلا ما يتذكر أحد اليوم الأديب المدافع عن «العربية» والإسلام مصطفى صادق الرافعي وإبداعه، الذي سيظل حتى يرث الله الأرض ومن عليها شاهدا له ومدافعا بمواقفه ومداد قلمه عن طريق الحق، إنه «إمام الأدب وحجة العرب»، كما أطلق عليه الأديب الراحل شكيب أرسلان، وقد كان اللقب الأحب إلى الرافعي(1)..

أو كما قال عنه الراحل الإمام محمد عبده: «لله ما أثمر قلمك، ولله ما ضمن لي قلبك لا أقارضك ثناء بثناء، فليس ذلك شأن الآباء مع الأبناء، ولكني أعدك من خلص الأولياء، وأقدم صفك على صف الأقرباء، وأسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفا يمحق الباطل»(2) ولد الراحل مصطفى صادق بن عبدالرازق بن سعيد بن أحمد بن عبدالقادر الرافعي في ناحية بهتيم بمديرية القليوبية على بعد قرابة عشرين كيلومترا من العاصمة المصرية القاهرة في عام 1289هـ، ووافق ميلاده شهر يناير 1880م، وتوفي بطنطا من أعمال مديرية البحيرة وقتها، وعاصمة محافظة الغربية اليوم، في عام 1356هـ ووافقت وفاته يوم 10من مايو 1937م.                    

من أبرز مؤلفاته «المعركة تحت لواء القرآن» أو «تحت راية القرآن»، و«إعجاز القرآن والبلاغة النبوية» وهو الكتاب المتمم لسابقه، وطبع على نفقة الملك فؤاد للمرة الثالثة بعام 1926م، وقد ضمنه ما كان بينه وبين الأديب الراحل طه حسين بمناسبة كتاب الأخير «في الشعر الجاهلي». وللرافعي، أيضا، «تاريخ آداب اللغة العربية» الصادر عام 1911م في ثلاثة أجزاء، وهي الكتب التي كرسها للدفاع عن الإسلام وبيان كذب دعاوى خصومه، وأيضا للاهتمام باللغة العربية كأداة لحمل الإعجاز القرآني الفريد ضد من يحاولون هدمها استجابة لدعاوى مغرضة.

أبرز محطات حياته

رغم أصوله الشامية، رأى الرافعي منذ تفتح وعيه أن وطنه الأعم هو بلاد الإسلام، أو بتعبيره: «كل أرض يخفق فيها لواء الإسلام ولواء العربية».

أصيب رحمه الله في المرحلة الابتدائية بمرض «التيفود» الذي أقعده في البيت لفترة طالت بعض الشيء؛ فلما عاود الدراسة بدأ يفقد سمعه شيئا فشيئا، ثم اضطر لترك التعليم بالكلية لفقر أسرته ليعين كاتبا ومحصلا ماليا بمحكمة طنطا الأهلية منذ عام 1899م حتى يوم وفاته؛ فما أغناه راتبها، ولولا جنيهات كان يتبلغ بها ويتعايش عبر مكافآت نشر لمقالاته هنا وهناك، وأحيانا قصائده الشعرية؛ ربما تعذرت عليه الحياة.

وفي المجمل فقد عاش الرافعي كادحا في عمله البعيد كل البعد عن قامته العالية في عالم الأدب.. حتى إنه حينما كان يزور أحد تلاميذه من مدرسي اللغة العربية في المدرسة الابتدائية بطنطا كان يغبطه على العمل الذي يحظى به بل كان يتمنى لو قام مقامه، وكان سبب الغبطة المباشر لدى الرافعي توقعه أن يجد في عمله بالتدريس ما يقربه من مادة الإبداع؛ إذ سيلقى بين التلاميذ ما يدعوه للكتابة عنهم، وهو بالفعل ما فعله في بعض تلك الزيارات فكتب مقالات: «الطفولتان»، «أحلام في الشارع»، و«بين قطين»، وأعانه على هذا وجود أبنائه في مراحل التعليم ورغبته في إفادة وزارة المعارف آنذاك.

تزوج الرافعي وعمره أربعة وعشرين عاما، أي عام 1904م، من شقيقة صديقه الأديب عبد الرحمن البرقوقي، صاحب مجلة «البيان»، وأنجب أحد عشر من الذكور والإناث، مات منهم واحد وبقي عشرة، وعلى قدر ما وهبه الزواج التقليدي المبكر من استقرار على قدر ما زاد من مسؤولياته، ومن طرف آخر أعانه على الإبداع والكتابة.

تقوى الرافعي لربه

ولم تكن براعة الرافعي وضميره الحي اليقظ في دفاعه عن القرآن الكريم فحسب، وإنما تبدت بصورة بارزة في حرصه في الغالب على عدم كتابة إلا ما يرضي ربه في جل كتاباته، وللحقيقة فقد كان الرافعي بشرا أصاب في كتاباته لكن وقف كثير ممن تصدوا بالكتابة عنه أمام معركته الأدبية مع الراحل الأديب عباس محمود العقاد وقفة تساؤل، خصوصا أمام كتابه «على السفود» وهجومه الشديد على العقاد، لكن يبقى للرافعي عموما قصب السبق في العصر الحديث على الأقل عبر دفاعه عن الإسلام و«العربية»، وهو ما أكده الراحل الدكتور مصطفى الشكعة بعد قراءة كتاب: «تحت راية القرآن» إذ كتب: «ومهما يكن القول فإن هذا الكتاب بما حوى من أحداث ونماذج كتابية إسلامية، ودفاع عن روح العقيدة، يضع الرافعي في مكانته اللائقة، على رأس كُتّاب الفكرة الإسلامية في عصره، بل في عصور أخرى، من عصور التاريخ ماضيه وقادمه، وهو واحد من الكتاب المعاصرين القلائل، الذين فهموا الإسلام فهما صحيحا، وغاصوا في أعماق الشريعة، مستكشفين كنه نورانيتها، وروعة قدسيتها»(3).        

تشابه الرافعي مع الأديب الراحل طه حسين في إصابة لحقت بهما في الصغر، فكان الأول أصم فيما كان الأخير كفيفا، وتشابه الرافعي مع الأديب الراحل عباس محمود العقاد، رحمهما الله، في عدم إتمام تعليمهما واكتفائهما بالمرحلة الابتدائية، وقد دفع ذلك الرافعي للجد والإبداع؛ بل لعل صممه وتوقفه عند الابتدائية من التعليم دفعا همته الأدبية وساقا بيانه للارتفاع إلى مصاف ومكانة كبار أدباء جيله؛ وساعده على هذا قناعته وعدم تعلقه بزينة الحياة من مال وافر وثراء. وكان الرافعي شديد الإيمان بربه تعالى، حتى إن الراحل الأديب محمد سعيد العريان رافقه بعض سنوات حياته الأخيرة فكان يراه حينما يقارف من الأمور البسيطة مما لا يخلو منها بشر، فكان يؤوب ويعود لنفسه سريعا ليقول:              

أو تظن أنه من المروءة أن نفعل هذا؟!

تجاهل الأصدقاء والأعداء للرافعي

لقي الرافعي تجاهلا شديدا يسأل أصدقاؤه عنه قبل أعدائه، وفي ذلك كتب الراحل الأديب محمود محمد شاكر في مجلة «الرسالة» في الذكرى الثالثة لرحيل الرافعي، في مقاله «نجوى الرافعي»: «كنا روحين تناظرتا من بعيد، وتناسمتا من قريب، فعرفته وعرفني، كان بيننا سر جامع لا أدري كيف أصفه، ولكن كان من يعرفني ويعرفه يجد آثاره، ويرى من بعض بيناته ما لا أحب أن أحدث به، ومع ذلك فأنا أقصر في حقه ما لم يقصر أحد ممن توجب عليه الصداقة بعض واجباتها، ولم يكن ذلك لأني لا أريد؛ بل لأني لا أستطيع ولا أطيق، فما زلت كلما ذكرت الرافعي - وقد مضت سنوات - أجد لذعة حزن في قلبي ترسل آلامها في كل سابحة من دمي». على أن الله تعالى قيض لحياة الرافعي بل لتراثه من يجمعه ويقوم على العناية به عناية المحب فيضيف محمود شاكر: «ولكن الله لم يخل حق الرافعي من رجل يقوم عليه، ويحسن النظر فيه، فهيأ له الأخ سعيد العريان، يرد كل ما وجب على أصدقاء الرافعي وأبنائه وتلامذته ومتبعيه» (4).

الهوامش

1- حياة الرافعي، محمد سعيد العريان، سلسلة ذاكرة الكتابة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، 2004م.

2- وحي القلم، مصطفى صادق الرافعي، مكتبة الأسرة المصرية، 2003م.                

3- مقدمة د. عز الدين البدوي النجار لكتاب الرافعي: «على السفود»، تصحيح وتعليق: حسن السماحي سويدان، دار البشائر، دمشق، 1421هـ/2000م.

4- نجوى الرافعي، محمود محمد شاكرـ مجلة الرسالة: العدد 358، 3 مايو 1940م.

 

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

حسن بن محمد يكتب: العيد.. وتعزيز القيم الأسرية

حسن بن محمد - كاتب وباحث - تونس: يعتبر العيد مناسبة للفرح والاحتفال لدى كل العائلات المسلمة، وهو ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال