الجمعة، 29 مارس 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

مرزوق العمري يكتب: من أعلام الدعوة الإسلامية.. الشيخ عمر العرباوي

الجزائر – مرزوق العمري: قيض الله عز وجل لخدمة دينه والدعوة إليه رجالا تميزوا بما آتاهم الله ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

527 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

1956.png

عثمان حسين - مصر:        

المتأمل في واقع المناخ الأسري، عن قرب وبمعايشته، يدرك أن قضية «الترابط الأسري» باتت تفرض نفسها وتعلن عن حقيقة واقعها الذي تعتريه بعض الشوائب، غير أنه من الممكن ملاحظة ما طرأ على المناخ الأسري في الحقبة الأخيرة من القرن الماضي وتواصلا مع أوائل هذا القرن، والذي كان صدى حقيقيا لمتغيرات مقصودة ومنهجية ومخطط لها من قبل أعداء الإسلام ومجتمعاته..

حيث صوبت سهامها تجاه المجتمع الإسلامي عامة وتغلغلت حتى نالت بعضا من صميم الأسرة المسلمة وفطرتها وهويتها، بل استطاعت، للأسف، أن تفقدها بعضا من توازنها بعد أن أصابتها بتلك الهزات المفاجئة والمتلاحقة، والتي اضطربت معها، بالطبع، أسس وقواعد فطرتها التربوية مما أوقع الأسرة المسلمة في عالم الصراعات ومحاولات التحدي من ناحية والإصرار على الثبات والاستقرار بما وهبها الله تعالى من قوة الايمان ورسوخ العقيدة من ناحية أخرى.

ومن هنا يمكن أن نطلق على تلك المرحلة التي تتعرض لها الأسرة المسلمة الآن مرحلة «الترنح الأسري» التي كانت نتاج فقد بعض من مقوماتها والمتمثلة في هوية التكيف الأسري واقعا وفقدا.

أمثلة:

ومن أسباب ما آل إليه واقع «الترابط الأسري»؛ ما تعانيه الأسرة تجاه ما تفرضه عليها الحياة الحديثة والمعاصرة التي فرضت «سمة السرعة» غير المسبوقة وفاجأت الهدوء الأسري المعهود واستقراره المشهود، فغلبت المادية الشرسة على قناعة البشر، فلم تعد الأسرة ذات مسؤولية وأهمية عند راعيها وولي أمرها بعد أن سلبتها المادية المتوحشة أمنها وأمانها وأصابتها بالخلل في مناخها الطبيعي وفطرتها التي فطرها الله عليها.

استطاعت سلبيات الحياة الحديثة ممارسة اعتداءاتها الصارخة على نظام الأسرة الذي اعتادت عليه.. ومنها الجلسة المسائية الأسرية التي كانت المتنفس الصادق الوحيد للحوار والمشاورة حول الأمور الحياتية اليومية والمستقبلية مما كان له بالغ الأثر في الترابط الوجداني والتربوي وتقوية الأواصر بين أفراد الأسرة الواحدة.. حيال ذلك غلب الطابع الفردي والانفرادي على مناخ المجتمع الأسري، حيث حولت نمطية الحياة الحديثة أفراد الأسرة الواحدة الى عوالم أحادية الحياة والموقف والسلوك، كل له عالمه وذاته وحياته مما أدى إلى التنافر والتشتت لأعضاء الأسرة الواحدة.

كذلك أضفت الحياة الحديثة «طابع التوتر» المخيف بأنماطه وأحواله المختلفة على المناخ الأسري نتيجة عوامل متباينة تكمن في الصراعات الحياتية اليومية والطموحات المهلكة والعمل على سرعة تحقيقها واللهث بشدة وراء كل ما هو جديد وحديث حتى ولو كانت ممارسته تحمل سوء العاقبة.

إن ما سبق من أمثلة، على سبيل المثال لا الحصر، أدى إلى تلك الهزة التي زلزلت كيان الأسرة.

أسس إسلامية

وإزاء هذا الفقد وعواقبه تتجلى عظمة الدين الإسلامي الحنيف حيث أرسى أسس وثوابت «فقه الترابط الأسري»؛ تقديرا لمكانة الأسرة وحرصا على عظم دورها في تكوين مجتمع يظفر فيه الإنسان بأرقى صنوف التكريم الإنساني والآدمي، حيث نال شرف أمانة رعاية الأسرة التي هي بحق دعامة المجتمع واللبنة الأولى له وأساسه ونسيجه الداخلي، كما أرادها الدين الإسلامي أن تكون، فتكون ثمرتها ذلك الإنسان الصالح والمجتمع المتماسك القوي بدينه وعقيدته والمعتز بهويته وذاته.

ولأن الأسرة لها جلالها وهيبتها في الإسلام فقها وبناء واهتماما؛ كان تشريع «الترابط الأسري» الذي يضمن رسوخها وبقاءها ويتحقق وجوده بوجود سمة الانسجام والتآلف والمودة بين أفراد الأسرة الواحدة؛ وبداية هذا التشريع جاءت في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم:21).

ومن مظاهر «الترابط الأسري» الذي أقره الإسلام غاية ومقصدا:

التكيف الروحي

وهو محاولة إيجاد هوية صادقة مصدرها تلك الهالة الدينية لتتحقق الألفة الروحية بين الزوجين من ناحية وأفراد الأسرة من ناحية أخرى.. حتى يشعر كل فرد أنه الآخر بناء على ما يدعو إليه مقتضى الحال من نقاء الضمير وصفاء النية وشفافية السلوك، وهذا كفيل بتحقيق مبدأ المودة والرحمة وضمان الطريق إلى تقديم التنازلات كما وكيفا، وهذا ليس ضعفا بقدر ما هو إصرار على استمرار وتذوق لذة الحياة.

على أن بدايات تحقيق التكيف الروحي تبدأ بالالتزام بتطبيق المنهج الصحيح الذي أقره ديننا الحنيف ودعا إليه بأن يكون القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هما الروح والجوهر؛ وشعائر الإسلام وأركانه عمادها وقوامها، ومن البدايات أيضا المداومة على قراءة القرآن الكريم والحديث الشريف تفهما وتدبرا، مما يضفي على الأسرة هالة من الطهارة والنقاء والصفاء ويمنحها الثقة في حاضرها وغدها بما قدره الله تعالى امتثالا لقوله عزوجل: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28).

وبهذا تتنزل رحمات الألفة والمودة على الأسرة بتلك الهبة والمنة الربانية التي يختص بها الكريم عباده المؤمنين، مصداقا لقوله تعالى: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} (الأنفال:63). وكما في الأثر: «المؤمنُ يألَفُ ويُؤلَفُ ولا خيرَ فيمَن لا يألَفُ ولا يُؤلَفُ». فدعوة الإسلام إلى التكيف الروحي لن تتحقق إلا بعقد صلة بين العبد وربه في كل لحظة عمل وفكر وشعور، فإذا ما تحقق ذلك ظفرت الأسرة بكل سبل السعادة والدوام والاستقرار.

النفسي والوجداني

وهو من أرقى وأسمى درجات الانسجام والتوافق بين أفراد الأسرة، خاصة بين الزوجين، وقد ذكر القرآن الكريم دلائل صدق الانسجام والتوافق النفسي في قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة:187)، ومقياس نجاح هذا النوع من التكيف يظهر في إتقان ومهارة وفن استخدام المشاعر والأحاسيس المتبادلة في الأسرة؛ فالمشاعر المشتركة بين النفوس السوية الصالحة تعد ترسيخا وتثبيتا للكيان الأسري عندما تلتقي وجهات النظر في بوتقة واحدة تجاه الأشياء، مما يزيل العقبات تجاه ما يعترض الأسرة ويعكر صفوها، ما يكون له الأثر الطيب في تفهمهم للأمور وحسن معايشتهم لها.

ولما كانت النفس الإنسانية تغلب عليها أحيانا الأهواء، ونحن في عصر غلبت عليه الصراعات، وأوقعتها في براثن الحيرة والتحير وقسوة التخير وسيطر عليها التوتر وفقدان الثقة واضطراب الذات؛ وجب على أفراد الأسرة خلق مناخ تسوده شفافية المشاعر وصدق الأحاسيس ومصارحة القلوب وسمو الأفئدة بعيدا عن الزيف والتزييف والرياء والأثرة المغرضة، وهو مناخ يجلب معه رضا الله عزوجل، مناخ تحيطه العناية الربانية انطلاقا من قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (البقرة:152).

فتحقيق التكيف النفسي والوجداني داخل الأسرة أمر يكاد يكون صعبا، لكنه ليس مستحيلا لأنه من السهل الرجوع إلى ثوابت ديننا الحنيف منهجا وطريقا أسلوبا وحياة.

التربوي

ويقصد به تحقيق ما تهدف إليه المسؤولية التربوية بين أفراد الأسرة للسمو بالسلوك الفطري والمكتسب، وتنميته حسب ما تقتضي المواقف الحياتية اليومية. وتحقيق هذا النمط من التكيف يعتمد على إتقان أساليب التربية والمحاسبة والتقييم للمسئولية التربوية للوالدين، انطلاقا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة في بيتها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها» (متفق عليه)، إضافة إلى مسؤولية الأبناء تجاه الوالدين والتي تحمل أمانة الطاعة والمعاملة الحسنة، وفقا لما جاء في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (الإسراء:23).

كذلك يتوقف تحقيق التكيف التربوي على ما تتمتع به الأسرة من ممارسة المودة والمحبة والرحمة والعدل الأسري والتوافق التربوي؛ ويعد ذلك نتاج المهارة الحسنة في تربية الأبناء خلقا وسلوكا، تلك التربية التي اتبعت أساليبها الصحيحة من قدوة وحوار ووفاء وإخلاص.

وتفرض مؤثرات الحياة العصرية وسلبياتها وأخطارها على شخصية الأبناء من التصادم بالرذائل موقفا وسلوكا، وتكنولوجيا الدمار والهلاك أحيانا، وأصدقاء السوء والإغراءات الحياتية اليومية ذات التقلب والتغير السريع والمفاجئ والذي يعجز المرء عن ملاحقته؛ أن تتخذ الأسرة من ترابطها عالما وملاذا آمنا تلجأ إليه شرط أن يكون ذلك مبنيا على المنهج الصحيح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ترَكت فيكم أَمرين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله» (قال الألباني: إسناده حسن).

لقد آن الأوان أن تعيد الأسرة المسلمة حساباتها وتضع نصب أعينها أن هناك من يتربص بها هدفا وتخطيطا وتدميرا، لذا وجب عليها أن تتسلح بالتحدي والمواجهة والإصرار على مقاومة تلك التيارات القبيحة والخبيثة التي تتسلل إلينا، وأخذ الحيطة والحذر تجاه ما يدبره أعداء الإسلام في مخططاتهم بعيدة المدى، خاصة ما يتعلق بـ «الترابط الأسري» الذي هو غايتهم ومرادهم، لاسيما أنه عمود الأمر في المجتمع الإسلامي؛ فإذا نالوا منه، لا قدر الله، تحقق مسعاهم. لكن تمسك المسلم الحق بثوابت دينه وشريعته هو الحصن الحصين والملاذ القوي الذي يصونه ويحفظه {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف:64).

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

محمد حسني عمران يكتب: الحنان وأثره في تربية الطفل

القاهرة – محمد حسني عمران: الأطفال هم مستقبل الأمة الواعد، وهم العناصر الفاعلة في المجتمع، ...

مواجهة الإلحاد بالعلم والعقل والدين.. كتاب جديد للدكتور خالد راتب

القاهرة – الوعي الشبابي: أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال