jhf hghgph

القاهرة – الوعي الشبابي:

أصدر الدكتور خالد محمد راتب، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، كتابًا جديدًا يتناول فيه ظاهرة الإلحاد وخطورتها، وكيفية مواجهتها من خلال خطاب راشد يرتكز على العلم والعقل والدين.

الكتاب الذي صدر عن "المكتبة الأزهرية للتراث" بالقاهرة، حظي بتقديم مفصل من أ.د. نظير محمد عياد، أستاذ العقيدة والفلسفة، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.

وفي كتابه، الذي تحلَّى بالمعالجة الموضوعية الشاملة، أشار المؤلف إلى أن ظاهرة الإلحاد قديمة حديثة، وأن القرآن الكريم تحدث عن الملحدين وطوائفهم، ومنهم الدهرية؛ الذين أنكروا خَلق العالم والعناية الإلهية، وكانوا أصلَ مذاهب الإلحاد والمادية التي عرفتها البشرية؛ فالدهرية مذهب كل من اعتقد في قِدَم الزمان والمادة والكون، وإنكار الألوهية والخَلق والعناية.

ولفت د. خالد راتب إلى أن الإلحاد كان فرديًا، ثم تطوّرت الأفكار الإلحادية مع الزمن إلى أن تبلورت بشكل مختلف عن حالها الأول، حيث أنشئت منظمات ومؤسسات وجمعيات ومنتديات تجمع الملحدين تحت مسمى مذاهب وتيارات.

وأوضح المؤلف أنه وفي ظل انتشار ظاهرة الإلحاد عالميًا، لا بد من مواجهة الظاهرة بالعلم والعقل والدين؛ للوقوف على حقيقية الإلحاد، ومعرفة أسبابه، وطرق مواجهته، كما أن التعرض لمثل هذا الموضوع ومعالجته بطرق صحيحة يجنب الأجيال الحالية ويلات الإلحاد.

وأضاف: الملحد تنحصر مصادره المعرفية في جانب واحد وهو الجانب المادي، دون نظر إلى مصادر المعرفة المختلفة؛ مما يجعل أحكامه ونظرياته مختلة منهجيًا ومعرفيًا؛ فمن أساسيات الفكر المادي الإلحادي رفضه للمتتاليات الثلاث التي تقوم عليها منظومة الإيمان في المنظور الإسلامي؛ وهي: (متتاليات: الألوهية، والدين، والأخلاق). ورَفضُ الفكر المادي الإلحادي لتلك المتتاليات الثلاث، يتبعه رفض آليات الفطرة والرسالة والعقل، واعتقاده في اكتساب الإنسان للحس الإلهي والديني والأخلاقي عن طريق التطور، وهذا الخلل المعرفي ينتج أفكارًا غير منطقية، وغير عقلية، وغير علمية، وهذه الأفكار لها آثار جسيمة على الملحد ذاته، وعلى البيئة المحيطة به.

ورصد د. خالد راتب أن أغلب المتأثرين بهذه الموجة الإلحادية هم شريحة الشباب ذكورًا وإناثًا؛ ومعنى ذلك أن تكامل ظهور الآثار السلبية سيكون في المستقبل القريب، حين يصل هؤلاء الشباب إلى مرحلة العطاء والعمل والتربية والإرشاد.. ما لم يحصل تداركٌ واعٍ على المستوى الذي تتطلبه المرحلة.

كما أشار إلى أن الميدان الأكبر لبث شبهات الموجة الإلحادية واستقبالها والتأثر بها، هو شبكات التواصل الاجتماعي، مما يعطي الموجة الإلحادية بعدًا وتوسعًا كبيرًا غير خاضع للموانع الجمعية المفترضة الممثَّلة في (المسجد، المدرسة، الأسرة..)، فيمكن أن يتأثر بهذه الموجة من يرتاد المساجد، ويمكن أن يتأثر بها من عاش في كنف أبوين صالحين.

وحذّر د. خالد راتب من أن الإلحاد له مخاطر وأضرار على الفرد والمجتمع ،حيث يُحدث اختلالاً في الأمن والسلام في المجتمع العالمي، كما أنه سببٌ في انتشار الفساد الأخلاقي والجرائم في المجتمعات.

ولفت إلى وجود تقصير في مواجهة الإلحاد، رغم خطورته، وأن هذا التقصير يتمثل قلة الأبحاث التي تعاملت مع ظاهرة الإلحاد بعمق وفهم واع لأسباب الظاهرة من الواقع المعايش، حيث ركزت هذه الأبحاث على وصف الظاهرة وأسبابها وتاريخ نشأتها.. إلى غير ذلك، وعند تناول علاج الظاهرة وجدنا علاجًا سطحيًا لكثير من المسائل، خاصة ما يتعلق بشبهات الملحدين والرد عليها، وهذا لا يمنع من وجود أبحاث عالجت الظاهرة بقدرة عالية ولكنها قليلة.

وقد قسم د. خالد راتب كتابه إلى مقدمة وسبعة مباحث وخاتمة، وتناول في المبحث الأول: مفهوم الإلحاد وأنواعه وأشهر مذاهبه.. وفي المبحثين الثاني والثالث تناول أسباب الإلحاد، والمنهج الوقائي في مواجهته.. وأما في المبحث الرابع فتناول الأدلة العقلية والكونية والعلمية على وجود الله.

ثم تطرقَ د. خالد راتب إلى بعض القواعد التي يجب مراعاتها في التعامل مع مثيري الشبهات الإلحادية، في المبحث الخامس.. وردَّ على أهم الشبهات التي يثيرها الملحدون، في المبحث السادس.

وفي المبحث السابع والأخير تطرق إلى دور الأفراد والمجتمعات والمؤسسات الدينية في مواجهة الإلحاد، لاسيما دور المؤسسات الدينية، والمثقفين والإعلاميين، والأفراد والأسر، إضافة إلى دور مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وعلماء النفس والتربية والاجتماع والطب.